للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الإمام النووي تعليقاً على حديث ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله)) (١) "وفيه أن الإيمان شرطه الإقرار بالشهادتين مع اعتقادهما واعتقاد جميع ما أتى به النبي صلى الله عليه وسلم" (٢)

وقال أيضاً: "واتفق أهل السنة من المحدثين والفقهاء والمتكلمين، على أن المؤمن الذي يحكم بأنه من أهل القبلة، ولا يخلد في النار، لا يكون إلا من اعتقد بقلبه دين الإسلام اعتقاداً جازماً خالياً من الشكوك، ونطق بالشهادتين، فإن اقتصر على إحداهما لم يكن من أهل القبلة أصلا" (٣)

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وجماع الدَّين أصلان:

أَلَّا نَعْبد إِلَّا اللهَ، ولَا نَعبدُه إِلَّا بِمَا شرع، لَا نَعبده بالبدع، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَمن كَانَ يَرْجُو لِقَاء ربه فليعمل عملا صَالحا ولَا يُشْرك بِعبَادة ربه أحدًا} [الكَهْف: ١١٠].

وذَلِكَ تَحْقِيق الشَّهَادَتَيْنِ: شَهَادَة أَنْ لَا إِلَه إِلَّا الله، وشَهَادَة أَنْ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله.

فَفِي الأولى: أَلَّا نَعْبد إِلَّا إِيَّاه.

وفِي الثَّانِيَة: أَنَّ مُحَمَّدًا هُو رَسُوله المبلِّغ عَنهُ، فعلينا أَنْ نصدق خَبره ونُطيع أمره.

وقد بَيَّن لنا مَا نَعْبد الله بِهِ، ونهانا عَنْ محدثات الأُمُور، وأخْبر أَنَّهَا ضَلَالَة؛ قَالَ تَعَالَى: {بلَى من أسلم وجهه لله وهُو محسن فَلهُ أجره عِنْد ربه ولَا خوف عَلَيْهِم ولَا هم يَحْزَنُونَ} [البَقَرَة الآية: ١١٢].

وكما أنَّنا مأمورون أَلَّا نَخَاف إِلَّا الله، ولَا نتوكل إِلَّا على الله، ولَا نَرغب إِلَّا إِلَى الله، ولَا نستعين إِلَّا بالله، وألَّا تكون عبادتنا إِلَّا لله، فَكَذَلِك نَحن مأمورون أَنْ نَتَّبع الرَّسُول ونُطيعه ونتأسى بِهِ؛ فالحلال مَا حَلَّله، والَحرَام مَا حَرَّمه، والدِّين مَا شَرعه؛ قَالَ الله تَعَالَى: {ولَو أَنهم رَضوا مَا آتَاهُم الله ورَسُولهوقَالُوا حَسبنَا الله سيؤتينا الله من فَضله ورَسُوله


(١) رواه البخاري (٢٥)، ومسلم (٢٢). من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه.
(٢) ((شرح صحيح مسلم)) للنووي (١/ ٢١٢).
(٣) ((شرح صحيح مسلم)) للنووي (١/ ١٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>