للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأمم وقعت في كارثة الشرك والابتداع، نسأل الله السلامة والعافية من ذلك (١).

فأرسل الله الرسل ليدعو إلى عبادة الله وحده لا شريك له وتوحيده، وكانوا يدعوهم أول ما يدعوهم إلى توحيد الله فإذا تم ذلك ووحدوه دعوهم إلى باقي العبادات، فعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن: (إنك ستأتي قومًا أهل كتاب، فإذ جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب) (٢).

وفي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم توجيه إلى التدرج في دعوة الناس إلى الإسلام، فيبدأ في الأهم فالمهم ولما كان التوحيد هو أصل الاسلام ولا يصح بدونه زكاة ولا صلاة كان هو أول ما يدعى إليه غير المسلم فإن أجاب دُعي إلى باقي العبادات.

ويقول ابن ابي العز الحنفي: "اعلم أن التوحيد أول دعوة الرسل، وأول منازل الطريق، وأول مقام يقوم فيه السالك إلى الله عز وجل" (٣).

وقد تقدم بيان أن الشرك الذي وقع فيه من أشرك من مشركي العرب وما شابههم هو شرك التمثيل وهو أن يَصرف فعلًا من أفعال الله تعالى لغير الله، مع جعل هذا الفعل لله تعالى؛ كالذي يعتقد أن الله يرزق وصاحب القبر يرزق، أو أن لله قدرة وأنَّ للكواكب قدرة؛ فهذا نسميه شِركًا في الربوبية.


(١) انظر: مباحث في عقيدة أهل السنة والجماعة لناصر العقل - ص: ٢٢
(٢) أخرجه البخاري (١٤٥٨) ومسلم (١٩).
(٣) شرح العقيدة الطحاوية، لابن أبي العزّ الحنفي: (٧٧ (.

<<  <  ج: ص:  >  >>