للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به أحد، حتى الممثلة.

المعنى الثاني: التماثل من وجه دون وجه، وهذا منفي عن الله أيضاً.

وخالف في ذلك الممثلة، ممن وصفهم الأئمة -كالإمام أحمد وغيره -بأنهم يقولون: لله يد كيدي، وسمع كسمعي، وقدم كقدمي.

وهذان الإطلاقان يتضمنان التماثل في الحقيقة والكيفية، بأن يوصف الباري بشيء من خصائص المخلوق، وهما اللذان دل الدليل على نفيهما، فمن قال بأحدهما فقد شبه الله بخلقه.

المعنى الثالث: التشابه من وجه دون وجه، وهو الاشتراك في أصل المعنى، أي في المعنى الكلي الذهني المطلق، وهو ما عرف بمسألة: (القدر المشترك في الصفات).

وهذا النوع من التشبيه غير منفي عن الله بإطلاق، بل هو ثابت، وهو لا يستلزم التمثيل المنفي عن الله ..

والسلف في نفيهم للتشبيه إنما أرادوا نفي التمثيل الذي نفته النصوص، سواء كان تمثيلا من كل وجه، أو من وجه دون وجه، ولم يريدوا المعنى الثالث -والذي هو التشابه من وجه دون وجه-إذ نفي هذا النوع مستلزم النفي الصفات، وهذا ما لم يقصده السلف بحال (١).

فلا يصح نفي التشبيه مطلقة ولو من بعض الوجوه، كما لا يصح إثباته مطلقا.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "إن نفي التشبيه من كل وجه هو التعطيل والجحود لرب العالمين، كما عليه المسلمون متفقون، كما أن إثباته مطلقا هو جعل الأنداد لرب العالمين لكن من الناس من لا يفهم هذا، ولا يعتقد ان لفظ التشبيه يدل على


(١) انظر: مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام (٤/ ١٥٣)، شرح العقيدة الطحاوية (٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>