للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرح

هؤلاء هم أصحاب القول الثالث وهم الفلاسفة الذين جعلوا الأسباب هي المبدعة لهذا الكون باعتبار أن الكون عندهم هو مجموعة العناصر والعوالم الكونية التي يزعمون أنها تؤثر في بعضها تأثيرا مستقلا عن إرادة الخالق سبحانه، أو كما يزعم الملاحدة: أنها هي وحدها الوجود، وهي وحدها المؤثر والمؤثر فيه، وليس لها خالق مدبر متصرف، تعالى الله عما يقوله الظالمون علوا كبيرا.

والفلسفة تعود في جذورها إلى الفلسفة اليونانية، وفلسفة ما بعد أرسطو هي فلسفة إلحادية لا تؤمن بإله، ولا تؤمن برب ولا بمعبود، فالفلاسفة يزعمون أن للعالم صانعاً ليس بعالم ولا قادر ولا حي (١).

وينكرون حقيقة الإيمان بالله وباليوم الآخر ويتعاملون مع نصوصهما كما يتعاملون مع كل أمر غيبي باعتبار أنه عندهم مجرد وهم وخيال لا حقيقة له.

"والفلسفة، اسم جنس لمن يُحِبُ الحكمة ويُؤثِرُها.

وقد صار هذا الاسم في عرف كثير من الناس مختصاً بمن خرج عن ديانات الأنبياء، ولم يذهب إلا إلى ما يقتضيه العقل في زعمه.

وأخص من ذلك أنه في عرف المتأخرين اسم لأتباع أرسطو، وهم المَشَّاؤُون خاصة وهم الذين هذب ابن سينا طريقتهم وبسطها وقررها. وهي التي يعرفها، بل لا يعرفُ سواها، المتأخرون من المتكلمين" (٢).

أما الفلاسفة فإن إيمانهم بالله تبارك وتعالى لا يكاد يتعدى الإيمان بوجوده المطلق، -أي بوجوده في الذهن والخيال دون الحقيقة-، وأما ما عدا ذلك


(١) مقالات الإسلاميين (٢/ ١٧٧)، وموقف المعتزلة من السنة النبوية (٥٣).
(٢) إغاثة اللهفان ٢/ ٢٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>