للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْجَبِينِ)] الصافات الآية: ١٠٣ [حصل المقصود، ففداه بالذبح وكذلك حديث أبرص وأقرع وأعمى، فلما أجاب الأعمى قال الملك: ((أمسك عليك مالك، فإنما ابتليتم، فرضي عنك وسخط على صاحبيك)) (١)، فالحكمة منشؤها من نفس الأمر لا من نفس المأمور به.

وهذا النوع والذي قبله لم يفهمه المعتزلة، وزعمت أن الحسن والقبح لا يكون إلا لما هو متصف بذلك بدون أمر الشارع.

والأشعرية ادعوا أن جميع الشريعة من قسم الامتحان، وأن الأفعال ليست صفة لا قبل الشرع ولا بالشرع.

وأما الحكماء والجمهور فأثبتوا الأقسام الثلاثة، وهو الصواب" (٢).

وشيخ الإسلام يزيد الأمر تحقيقا فيبين أن التحسين والتقبيح قسمان:

أحدهما: كون الفعل ملائمًا للفاعل نافعًا له، أو كونه ضارًا له منافرًا فهذا قد اتفق الجميع على أنه قد يعلم بالعقل (٣).

الثاني: كونه سببا للذم والعقاب، فهذا هو الذي وقع فيه الخلاف:

• فالمعتزلة قالوا قبح الظلم والشرك والكذب والفواحش معلوم بالعقل، ويستحق عليها العذاب في الآخرة وإن لم يأت رسول.

• والأشاعرة قالوا: لا حسن ولا قبح ولا شر قبل مجيء الرسول، وإنما الحسن ما قيل فيه افعل، والقبيح ما قيل لا تفعل. ولم يجعلوا أحكام الشرع معللة، وهذا يوافق مذهبهم في التعليل.


(١) رواه البخاري (٣٤٦٤)، ومسلم (٢٩٦٤) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) ((مجموع الفتاوى)) (٨/ ٤٣٤ - ٤٣٦).
(٣) انظر: ((مجموع الفتاوى)) (٨/ ٩٠، ٣٠٩ - ٣٠١)، و ((منهاج السنة)) (١/ ٣٦٤) - مكتبة الرياض الحديثة.

<<  <  ج: ص:  >  >>