للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ فِي مَاله أَوْ فِي عرض أَوْ ابْتُلِيَ بعدو يخيفه عظم جزعه وَظهر هلعه.

وَالثَّالِث: قوم لَهُ نوع من الصَّبْر بِلَا تقوى مثل الْفجار الَّذين يصبرون على مَا يصيبهم فِي مثل أهوائهم كاللصوص والقطاع الَّذين يصبرون على الآلام فِي مثل مَا يطلبونه من الْغَصْب وَأخذ الْحَرَام؛ وَالْكتاب وَأهل الدِّيوَان الَّذين يصبرون على ذَلِك فِي طلب مَا يحصل لَهُمْ من الْأَمْوَال بالخيانة وَغَيرهَا؛ وَكَذَلِكَ طلاب الرِّئَاسَة والعلو على غَيرهم يصبرون من ذَلِك على أَنْوَاع من الْأَذَى الَّتِي لَا يصبر عَلَيْهَا أَكثر النَّاس؛ وَكَذَلِكَ أهل الْمحبَّة للصور الْمُحرمَة من أهل الْعِشْق وَغَيرهم يصبرون فِي مثل مَا يهوونه من الْمُحرمَات على أَنْوَاع من الْأَذَى والآلام وَهَؤُلَاء هم الَّذين يُرِيدُونَ علوا فِي الأَرْض أَوْ فَسَادًا من طلاب الرِّئَاسَة والعلو على الْخلق وَمن طلاب الْأَمْوَال بالبغي والعدوان والاستمتاع بالصور الْمُحرمَة نظرا أَوْ مُبَاشرَة وَغير ذَلِك يصبرون على على أَنْوَاع من المكروهات وَلَكِن لَيْسَ لَهُمْ تقوى فِيمَا تَرَكُوهُ من الْمَأْمُور وفعلوه من الْمَحْظُور وَكَذَلِكَ قد يصبر الرجل على مَا يُصِيبهُ من المصائب كالمرض والفقر وَغير ذَلِك وَلَا يكون فِيهِ تقوى إِذا قدر.

وَأما الْقسم الرَّابِع: فَهُوَ شَرّ الْأَقْسَام لَا يَتَّقُونَ إِذا قدرُوا وَلَا يصبرون إِذا ابتلوا بل هم كَمَا قَالَ الله تَعَالَى {إِنْ الْإِنْسَان خلق هلوعا إِذا مَسّه الشَّرّ جزوعا وَإِذا مَسّه الْخَيْر منوعا} [المعارج الآيات: ١٩ - ٢٠ - ٢١]، فَهَؤُلَاءِ تجدهم من أظلم النَّاس وأجبرهم إِذا قدرُوا وَمن أذلّ النَّاس وأجزعهم إِذا قهروا إِنْ قهرتهم ذلوا لَك ونافقوك وحابوك واسترحموك ودخلوا فِيمَا يدْفَعُونَ بِهِ عَنْ أنفسهم من أَنْوَاع الْكَذِب والذل وتعظيم المسؤول وَإِنْ قهروك كَانُوا من أظلم النَّاس وأقساهم قلبا وَأَقلهمْ رَحْمَة وإحسانا وعفوا كَمَا قد جربه الْمُسلمُونَ فِي كل من كَانَ عَنْ حقائق الْإِيمَان أبعد مثل التتار الَّذين قَاتلهم الْمُسلمُونَ وَمن يشبههم فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>