قال المصنف رحمه الله تعالى:"فالمعتزلة ونحوهم من القدرية الذين أنكروا القدر هم في تعظيم الأمر والنهي والوعد والوعيد خير من هؤلاء الجبرية القدرية الذين يعرضون عن الشرع والأمر والنهي، والصوفية هم في القدر ومشاهدة توحيد الربوبية خير من المعتزلة، ولكن فيهم من فيه نوع بدع مع إعراض عن بعض الأمر والنهي، والوعد والوعيد، حتى يجعلوا الغاية هي مشاهدة توحيد الربوبية والفناء في ذلك، فيصيرون أيضًا معتزلين لجماعة المسلمين وسنتهم، فهم معتزلة من هذا الوجه، وقد يكون ما وقعوا فيه من البدعة شرًّا من بدعة أولئك المعتزلة، وكلتا الطائفتين نشأت من البصرة".
الشرح
عقد المصنف مقارنة بين المعتزلة القدرية وبين المتصوفة في جانبين هما:
جانب القدر.
وجانب الأمر والنهي.
والمعروف عن المعتزلة أنهم في باب القدر كانوا قدرية يقولون: إن الله سبحانه وتعالى ليس له قدرة ولا تصرُّف في فعل العبد وإنما العبد هو الذي يخلق فعل نفسه، وليس لله تعالى قدرة أو تصرُّف في فعل العبد.
وأما في باب الأمر والنهي فقد أحدثت المعتزلة القول بالمنزلة بين المنزلتين وقالوا بإنفاذ الوعيد وخلود أهل التوحيد في النار، وأن النار لا يخرج منها من دخلها. (١)