للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَثْبَتَهُ مِنْ الصِّفَاتِ".

وهنا تجدر الإشارة إلى أمور مهمة، وهي:

الأمر الأول: أنَّ معرفة الله ليست بمعرفة صفات السلب، بل الأصل فيها صفات الإثبات، والسلب تابع، ومقصوده: تكميل الإثبات (١).

«فإنَّ السلب لا يُراد لذاته، وإنما يقصد لما يتضمنه من إثبات الكمال، فكل ما نفاه الله عن نفسه أو نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم من صفات النقص-فإنه متضمن للمدح، والثناء على الله بضد ذلك النقص من الأوصاف الحميدة والأفعال الرشيدة» (٢).

الأمر الثاني: أنَّ صفات التنزيه يجمعها معنيان:

الأول: نفي النقائص عنه، وذلك مِنْ لوازم إثبات صفات الكمال.

الثاني: إثبات أنَّه ليس كمثله شييء في صفات الكمال الثابتة له.

الأمر الثالث: الصفات السلبية تُذكر غالبًا في الأحوال التالية:

الأولى: بيان عموم كماله؛ كما في قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى الآية: ١١]، وقوله تعالى: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} [الإخلاص الآية: ٤].

والثانية: نفي ما ادَّعاه في حقه الكاذبون؛ كما في قوله تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً}.

والثالثة: دفع توهم نقص من كماله فيما يتعلق بهذا الأمر المعين؛ كما في قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ}] الدخان الآية: ٣٨ [.


(١) «مجموع الفتاوى» (١٧/ ١١٢).
(٢) «شرح القصيدة النونية» للهراس (٢/ ٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>