للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعلمائهم وعبَّادهم، فإذا كان العلماءُ فَجَرةً والعبَّادُ جَهَلةً عمَّت المصيبةُ بهما وعَظُمَت الفتنةُ على الخاصَّة والعامَّة.

والصنفُ الثالث: الذين لا علمَ لهم ولا عمل؛ وإنما هم كالأنعام السائمة.

والصنفُ الرابع: نُوَّابُ إبليس في الأرض؛ وهم الذين يثبِّطون الناسَ عن طلب العلم والتفقُّه في الدين، فهؤلاء أضرُّ عليهم من شياطين الجنِّ، فإنهم يحُولون بين القلوب وبين هدى الله وطريقه.

فهؤلاء الأربعةُ أصنافٍ الذين ذكرهم- رحمةُ الله عليه- كلُّهم على شفا جُرفٍ هار، وعلى سبيلِ هَلَكة، وما يَلقى العالِمُ الداعي إلى الله ورسوله ما يلقاه من الأذى والمحاربة إلا على أيديهم، والله يَستعملُ من يشاءُ في سخطه كما يستعملُ مَنْ يحبُّ في مرضاته؛ إنه بعباده خبيرٌ بصير.

ولا ينكشفُ سرُّ الطوائف المنحرفة وطريقتُهم إلا بالعلم؛ فعاد الخيرُ بحذافيره إلى العلم ومُوجَبه، والشرُّ بحذافيره إلى الجهل ومُوجَبه» (١).

وقال عمر رضي الله عنه: «إنَّ أخوف ما أخاف عليكم ثلاثة: منافق يَقرأ القرآن لا يخطئ فيه واوًا ولا ألفًا؛ يجادل الناس أنه أعلم منهم؛ ليضلهم عن الهدى. وزَلَّة عالم. وأئمة مُضلون» (٢).

وقال ابن المبارك:

وهلْ أفسدَ الدينَ إلا الملوكُ … وَأحبارُ سُوءٍ وَرُهبانها

فباعُوا النفوسَ ولمْ يربحَوا … ولمْ تغلُ في البيعِ أثمانها

لقد وقع القوم في جيفةٍ … يَبين لذي اللُّبِّ إنتانُها


(١) «مفتاح دار السعادة» لابن القيم (١/ ٤٥٥، ٤٥٦)، بتصرف واختصار.
(٢) أخرجه الفريابي في «صفة النفاق وذم المنافقين» (ص ٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>