ونحن طلبة العلم إذ نسلك هذا المَسلك فإننا نزداد من هذا العلم ونتزود منه ولا شك، وكلما ازددنا علمًا كلما ازددنا شرفًا ورفعة في الدنيا والآخرة وقربًا من الله تعالى؛ وذلك لابد فيه من شرطين:
وفي الحديث:«أن نافع بن عبد الحارث لقي عُمر بعُسْفان، وكان عمر يستعمله على مكة، فقال: مَنْ استعملت على أهل الوادي؟ فقال: ابن أبزى. قال: ومَن ابن أبزى؟ قال: مَولى من موالينا. قال: فاستخلفت عليهم مولى؟ قال: إنَّه قارئ لكتاب الله عز وجل، وإنه عالم بالفرائض، قال عمر: أَمَا إنَّ نبيَّكم -صلى الله عليه وسلم- قد قال: «إنَّ اللهَ يَرفع بهذا الكتاب أقوامًا، ويَضع به آخرين»(١).
وطالب العلم حري أن يكون أخشى الناس لله، وأَتْبَع الخلق لطاعته؛ قال جل وعلا:{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ}[فاطر: ٢٨]، وتأَمَّل قولَه تعالى:{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}[الزمر: ٩]؛ لتتبين الفرق بين مَنْ عَلِم وبَين مَنْ لم يَعلم.
وقد قرن الله جل جلاله شهادته بشهادة الملائكة الذين هم عباده المكرمون وشهادة أهل العلم له جل وعلا بالألوهية؛ فقال:{شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}[آل عمران: ١٨].
والإنسان يجب أن ينظر إلى نفسه قبل سلوك طريق طلب العلم؛ هل حاله بعد