للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأشياء)) (١).

فإنَّ الرسل أخبرت كما أخبر الله في كتابه الذي بعث به رسوله: أنه بكل شيء عليم، وعلى كل شيء قدير، وأنه حكيم عزيز، غفور ودود، وأنه خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش، وأنه كلم موسى تكليمًا، وتجلى للجبل فجعله دكًّا، وأنه أنزل على عبده الكتاب. إلى غير ذلك من أسمائه وصفاته.

وقال في النفي: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى الآية: ١١]، {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} [الإخلاص الآية: ٤]، {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً} [مَرْيَمَ الآية: ٦٥].

وهؤلاء الملاحدة جاءوا بنفي مفصل وإثبات مجمل، فقالوا في النفي: ليس بكذا ولا كذا، فلا يَقرب من شيء ولا يَقرب منه شيء، ولا يُرى في الدنيا ولا في الآخرة، ولا له كلام يقوم به، ولا له حياة، ولا علم، ولا قدرة، ولا غير ذلك، ولا يُشار إليه ولا يتعين، ولا هو مُباين للعالم ولا حالٌّ فيه، ولا داخله ولا خارجه.

إلى أمثال العبارات السلبية التي لا تَنطبق إلا على المعدوم.

ثم قالوا في الإثبات: هو وجود مُطلق، أو وجود مقيد بالأمور السلبية (٢).

وبذلك عكسوا منهج القرآن والسنة؛ فأكثروا مِنْ وصف الله تعالى بالأمور السلبية التي لم يَرد بها النص، وأفرطوا في ذلك إفراطًا عجيبًا، بينما أنكر بعضهم جميع الصفات الثبوتية، والبعض الآخر لم يُثبت سوى القليل منها.

فأهل السنة والجماعة حينما استنبطوا هذه القاعدة وطبقوها، خالفوا بذلك منهج المعطِّلة في الصفات، حيث جاءوا بعكس طريقة الأنبياء، فنجدهم يجملون في


(١) منهاج السنة النبوية (٢/ ١٥٦ - ١٥٧).
(٢) «الصفدية» (١/ ١١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>