للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لبعض النفوس الزكية في المنام حتى تشاهد من مجاري الأحوال في المستقبل إما صريحا بعينه أو مدرجا تحت مثال يناسبه مناسبة ما فتفتقر فيه إلى التعبير إلا أن النبي هو المستعد لذلك في اليقظة فلذلك يدرك النبي الكليات العقلية عند شروق ذلك النور وصفاء القوة النبوية كما ينطبع مثال المحسوسات في القوة الباصرة من العين عند شروق نور الشمس على سطوح الأجرام السفلية.

وزعموا أن جبريل عبارة عن العقل الفائض عليه ورمز إليه لا أنه شخص متجسم متركب عن جسم لطيف أو كثيف يناسب المكان حتى ينتقل من علو إلى أسفل. وأما القرآن فهو عندهم تعبير محمد عن المعارف التي فاضت عليه من العقل الذي هو المراد باسم جبريل، ويسمى كلام الله تعالى مجازا فإنه مركب من جهته وإنما الفائض عليه من الله بواسطة جبريل بسيط لا تركيب فيه وهو باطن لا ظهور له، وكلام النبي وعبارته عنه ظاهر لا بطون له وزعموا أن هذه القوة القدسية الفائضة على النبي لا تستكمل في أول حلولها كما لا تستكمل النطفة الحالة في الرحم إلا بعد تسعة أشهر فكذلك هذه القوة كمالها في أن تنتقل من الرسول الناطق إلى الأساس الصامت وهكذا تنتقل إلى أشخاص بعضهم بعد بعض فيكمل في السابع … وهذه المذاهب مستخرجة من مذاهب الفلاسفة في النبوات مع تحريف وتغيير (١).

ومعتقدهم في اليوم الآخر: أنهم كلهم أنكروا القيامة، وقالوا: هذا النظام، وتعاقب الليل والنهار، وتولد الحيوانات لا ينقضي أبدا. وأولوا القيامة بأنها رمز إلى خروج الإمام، ولم يثبتوا الحشر ولا النشر ولا الجنة ولا النار (٢)


(١) المصدر: فضائح الباطنية لأبي حامد الغزالي - ص ٤٠
(٢) القرامطة لابن الجوزي - ص ٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>