للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا نحكم بهذا ولا بهذا، فلا نقول: ليس بموجود ولا معدوم ولكن لا نقول هو موجود ولا نقول هو معدوم.

ومن الناس من يحكي نحو هذا عن الحلاج، وحقيقة هذا القول هو الجهل البسيط والكفر البسيط، الذي مضمونه الإعراض عن الإقرار بالله ومعرفته وحبه وذكره وعبادته ودعائه (١).

الدرجة الرابعة: أصحاب وحدة الوجود:

وهم الذين لا يميزون الخالق بصفات تميزه عن المخلوق، ويقولون بأن وجود الخالق هو وجود المخلوق. فعلى سبيل المثال هم يقولون بأن الله هو المتكلم بكل ما يوجد من الكلام وفي ذلك يقول ابن عربي:

ألا كل قول في الوجود كلامه … سواء علينا نثره ونظامه

يعم به أسماع كل مكون … فمنه إليه بدؤه وختامه (٢)

فيزعمون أنه هو المتكلم على لسان كل قائل. ولا فرق عندهم بين قول فرعون: {أنا ربُّكم الأعلى} [النازعات: ٢٤] {وما علمت لكم من إله غيري} [القصص: ٢٨] وبين القول الذي يسمعه موسى {إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري} [طه: ١٤]. بل يقولون: إنه الناطق في كل شيء، فلا يتكلم إلا هو، ولا يسمع إلا هو، حتى قول مسيلمة الكذاب، والدجال، وفرعون، يصرحون بأن أقوالهم هي قوله) (٣).

وهذا قول أصحاب وحدة الوجود كابن عربي، وابن سبعين وابن الفارض،


(١) -الصفدية ١/ ٩٦، ٩٨.
(٢) -الفتوحات المكية ٤/ ١٤١ ط: دار صادر، بيروت.
(٣) -بغية المرتاد ص ٣٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>