للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأشباه هذه السلوب.

فكلام أول الجهمية وآخرهم يدور على هذين الأصلين:

١ - إما النفي والتعطيل الذي يقتضي عدمه.

٢ - وإما الإثبات الذي يقتضي أنه هو المخلوقات. أو جزء منها أو صفة لها.

وكثير منهم يجمع بين هذا النفي وهذا الإثبات المتناقضين، وإذا حوقق في ذلك قال: ذاك السلب مقتضى نظري. وهذا الإثبات مقتضى شهودي وذوقي. ومعلوم أن العقل والذوق إذا تناقضا لزم بطلانهما أو بطلان أحدهما. (١)

وهذا حال الجهمية دائماً يترددون بين هذا النفي العام المطلق، وهذا الإثبات العام المطلق، وهم في كليهما حائرون ضالون لا يعرفون الرب الذي أمروا بعبادته. (٢)

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (والجهمية نفاة الصفات تارة يقولون بما يستلزم الحلول والاتحاد، أو يصرحون بذلك. وتارة بما يستلزم الجحود والتعطيل، فنفاتهم لا يعبدون شيئاً، ومثبتتهم يعبدون كل شيء.) (٣)

ولا ريب أن هؤلاء المعطلة بصنيعهم هذا قد أعرضوا عن أسمائه وصفاته وآياته وصاروا جهالاً به، كافرين به، غافلين عن ذكره، موتى القلوب عن معرفته ومحبته وعبادته، وهذا هو غاية القرامطة الباطنية والمعطلة الدهرية أنهم يبقون في ظلمة الجهل وضلال الكفر، لا يعرفون الله ولا يذكرونه. (٤).


(١) -بغية المرتاد ص ٤١٠، ٤١١.
(٢) -نقض تأسيس الجهمية ٢/ ٤٦٧.
(٣) -مجموع الفتاوى ٦/ ٣٩.
(٤) -مجموع الفتاوى ٦/ ٤٨. «بتصرف»

<<  <  ج: ص:  >  >>