للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مطلق (١)، وإنما الذي يكون في الخارج هو القدر المختص المعين، المقيد) (٢).

وعليه فإن ذلك القدر المشترك الكلي لا يكون ثابتاً بعينه في الأمور المتعينة في الوجود الخارجي (٣)، فالاشتراك إنما يكون في الوجود الذهني، وأما الوجود الخارجي فلا اشتراك فيه، بل كل موجود فله ما يخصه من حقيقته مما لا يشركه فيه غيره، بل ليس بين موجودين في الخارج شيء بعينه اشتركا فيه، ولكن تشابها، ففي هذا نظير ما في هذا، كما أن هذا نظير هذا، وكل منهما متميز بذاته وصفاته عما سواه، فكيف الخالق سبحانه وتعالي (٤).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «المعاني لا تكون مطلقة وعامة إلا في الأذهان، لا في الأعيان، فلا يكون موجود وجوداً مطلقاً أو عاماً إلا في الذهن، ولا يكون مطلق أو عام إلا في الذهن، ولا يكون إنسان أو حيوان مطلق وعام إلا في الذهن، وإلا فلا تكون الموجودات في أنفسها إلا معينة مخصوصة متميزة عن غيرها) (٥).

فالذهن يفهم من (السميع) قدراً مطلقاً، وهو (مطلق السمع)، ولا يوجد في الخارج شيء يسمى: (سمعاً) بهذا الإطلاق، بل لا يوجد إلا مضافاً معيناً (سمع الله) أو (سمع المخلوق)، فهذا اللفظ المشترك المطلق يتناول الاثنين، لكن هذا المشترك


(١) قال يوسف ابن الجوزي: «المطلق: ما دل على شيء غير معين باعتبار حقيقة شاملة لجنسه، الإيضاح لقوانين الاصطلاح (١٩)، وانظر: التعريفات للجرجاني (٢٨٠).
(٢) انظر: التدمرية (١٢٨)، مجموع الفتاوي (٩/ ١٤٧)، اقتضاء الصراط المستقيم-ت: الفقي (٤٦٤)، بيان تلبيس الجهمية (٢/ ٣٧٩)، منهاج السنة النبوية: ٢/ ١١٩ - ١٢٠، ٥٢٦)، الرد على الشاذلي في حزبه (٢١٩).
(٣) انظر: منهاج السنة النبوية (٢/ ١١٩).
(٤) اقتضاء الصراط المستقيم -ت: الفقي (٤٦٤)، وانظر: درء تعارض العقل والنقل (٥/ ٨٤).
(٥) شرح حديث النزول ضمن مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام (٥/ ٣٣٠)، وانظر: مجموع الفتاوي (٩/ ٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>