للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القدر المشترك وإن كانت نوعا مختصا من المتواطئة فلا بأس بتخصيصها بلفظ، ولذلك كان المتقدمون من نظار الفلاسفة وغيرهم لا يخصون المشككة باسم بل لفظ المتواطئ يتناول ذلك كله، فهي إذا قسم المتواطئ الخاص الذي هو قسم من أقسام المتواطئ العام " (١).

ومع هذا فإننا لو قلنا إنها تطلق على الله تعالى وعلى خلقه من باب التشكيك فإن معاني الصفات في حق الله تعالى أولى منها في العبد، وهي حقيقة فيهما (٢).

بعد هذا، بقي معنا أن نقول إن هذه الأسماء والصفات المقولة على الله تعالى وعلى عباده هي من قبيل الألفاظ المتواطئة أي أن هذه الأسماء اتفقت ألفاظها وانطبقت على أفرادها في الخارج بالسوية، ولقائل أن يقول كيف يمكن أن تنطبق هذه الألفاظ وقد أطلقناها على أفرادها وهم هنا الخالق سبحانه والعبد المخلوق-بالسوية-وقد علمنا انتفاء تماثل الحقيقتين هاتين؟؟

فنقول إن الذي يوضح هذه بجلاء هو إثبات القدر المشترك ويتضح بما يلي:

أولا: أن هذه الألفاظ هي موضوعة للقدر المشترك وهو المسمى الكلي العام، فبهذا تكون متواطئة بالمعنى العام أي أنها متساوية الأفراد في المعنى الكلي العام، وإذا جاءت الخصائص فإنها لا تدخل في هذا المسمى العام. يقول ابن قدامة رحمه الله: " والرجل له وجود في الأعيان، والأذهان، واللسان، فوجوده في الأعيان لا عموم له إذ ليس في الوجود رجل مطلق بل إما زيد وإما عمرو، وأما وجوده في اللسان فلفظة (الرجل) قد وضعت للدلالة عليها. وأما الذي في الأذهان من معنى الرجل فيسمى


(١) مجموع الفتاوى لابن تيمية: ١١/ ١٤٤، ٢/ ٤٢٧، ٨/ ١٤٥ - ١٤٧، ٥/ ١٠٥، وانظر: التدمرية: ١٣٠، منهاج السنة: ٢/ ٥٨٦، وانظر بيان تلبيس الجهمية: ٢/ ٣٧٨ - ٣٧٩، الصواعق المرسلة: ٤/ ١٥١٣.
(٢) انظر: بيان التلبيس: ٢/ ٣٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>