للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخلاصة الأمر أن الإخبار عن الغائب لا يفهم إن لم يعبر عنه بالأسماء المعلومة معانيها في الشاهد، ويعلم بها ما في الغائب بواسطة العلم بما في الشاهد مع العلم بالفارق المميز، وأن ما أخبر الله به من الغيب أعظم مما يعلم في الشاهد" (١).

فنحن نعلم أن الله سبحانه لما خلق الخلق جعله على قسمين: غيب وشهادة، فأما عالم الشهادة، فهو مدرك لرؤيته أو لرؤية نظيره، «والشيء إنما تدرك حقيقته إما بمشاهدته أو بمشاهدة نظيره» (٢).

ومن الغيب: الله سبحانه وتعالى، ومنه ما هو مخلوق كالملائكة والجنة والنار، وما بعد الموت، وعلى هذا جرى تفسير بعض السلف، قال الربيع بن أنس رحمه الله: (الذين يؤمنون بالغيب) (البقرة: ٣)، آمنوا بالله وملائكته ورسله واليوم الآخر وجنته وناره ولقائه وآمنوا بالحياة بعد الموت، فهذا كله غيب (٣).

وعن قتادة (٤) رحمه الله قال في قوله تعالى: (الذين يؤمنون بالغيب) قال: «آمنوا بالجنة والنار والبعث بعد الموت وبيوم القيامة، وكل هذا غيب (٥).

وقال عطاء بن أبي رباح (٦) رحمه الله: «من آمن بالله فقد آمن بالغيب» (٧)،

فلما كان


(١) انظر: شرح حديث النزول، ١٠٤ - ٢٠٦. والتدمرية، ٤٢ - ٤٦ و ٩٧. ومجموع الفتاوى: ١٣/ ٢٨٩ - ٢٩٠ وشرح الطحاوية: ٦٤ - ٦٨، بتصرف يسير.
(٢) التدمرية: ٥٦.
(٣) تفسير ابن جرير: ١/ ١٣٩.
(٤) أبو الخطاب قتادة بن دعامة السدوسي، إمام حافظ مفسر كان ضريراً، وكان من أوعية العلم وممن يضرب به المثل في قوة الحفظ، جالس الحسن ثنتي عشرة سنة، يصلي معه الصبح ثلاث سنين توفي رحمه الله عام ١١٨ هـ. انظر: السير: ١/ ١٥٣.
(٥) تفسير ابن جرير: ١/ ١٣٤.
(٦) أبو محمد عطاء بن رباح المكي، العالم الجليل، مفتي مكة، سيد التابعين علما وعملا، وإتقانه أخذ عنه أبو حنيفة وأدرك مئتين من الصحابة، توفي رحمه الله عام ١١٤ هـ. انظر: السير: ٥/ ٧٨، وفيات الأعيان: ٣/ ٢٦١.
(٧) تفسير ابن كثير: ١/ ٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>