فهم يقولون: لا هو موجود، ولا حي، ولا عليم، ولا قدير، لأن هذه الأسماء إنما هي من صفات المخلوقات، أو هي مجاز، لأن إثبات هذه الصفات لله تعالى يستلزم التشبيه بالموجود الحي العليم القدير.
ولقد أقدم هؤلاء الغلاة على نفي الأسماء والصفات بمزاعم من أهمها:
أولًا: أن إثبات الصفات يقتضي أن يكون الله جسماً؛ لأن الصفات لا تقوم إلا بالأجسام، لأنها أعراض والأعراض لا تقوم بنفسها.
ثانيًا: إرادة تنزيه الله تعالى.
ثالثًا: أن وصف الله تعالى بتلك الصفات التي ذكرت في كتابه الكريم أو في سنة نبيه العظيم يقتضي مشابهة الله بخلقه، فينبغي نفي كل صفة نسبت إلى الله تعالى وتوجد كذلك في المخلوقات لئلا يؤدي إلى تشبيه الله-بزعمهم-بمخلوقاته التي تحمل اسم تلك الصفات.
لقد عارض الجهمية ومن سار على طريقتهم كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وقدموا آراءهم وما تراه عقولهم على نصوص الكتاب والسنة فلم يقفوا عند حدود فهم العقل ومدى قدرته، بل تجاوزوا ذلك وظنوا أنهم علي شيء، وزخرفوا القول في ذلك، وتحذلقوا وتنطعوا فخرجوا من نور العلم إلى ظلمات الجهل، ومن اليقين إلى الشكوك عقاباً من الله لهم لعدم تلقي النصوص ومدلولاتها بالطمأنينة والتسليم، وترك التكلف في البحث عن أمور هي من المغيبات ولم يخبرنا الله بتفاصيلها و لا رسوله صلى الله عليه وسلم فقد أراد الله أن تكون كيفياتها سراً مكتوماً عن العباد وهم يريدون الاطلاع عليها بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير.
إن تنزيه الله عز وجل لا يمكن أن يكون بسلب صفاته وما تدل عليه من العظمة والكمال، إنه من الإجرام أن ينزه الله عن ما تمدح به:(قل أأنتم أعلم أم الله)