فقوله: "فما لا يقبل الوجود والعدم أعظم امتناعًا من القابل للوجود والعدم"
أي إذا كان الكلام في حق واجب الوجود الذي هو الله على-حد زعم هؤلاء-بأنه لا يقبل الوجود والعدم فإن هذا القول أعظم امتناعًا من القول بأنه يقبل الوجود والعدم معًا، مع أن كلاهما مستحيل ولكن الأول أعظم استحالة في حق الله.
وقوله: "بل ومن اجتماع الوجود والعدم، ونفيهما جميعًا"
أي بل هو أعظم استحالة في العقول من اجتماع الوجود والعدم بأن تقول موجود ومعدوم في نفس الوقت، أو نفيهما فتقول لا موجود ولا معدوم.
وقوله: "فما نفيت عنه قبول الوجود والعدم كان أعظم امتناعًا مما نفيت عنه الوجود والعدم. وإذا كان هذا ممتنعًا في صرائح العقول فذلك أعظم امتناعا، فجعلت الوجود الواجب الذي لا يقبل العدم هو أعظم الممتنعات. وهذا غاية التناقض والفساد".
أي أن النتيجة التي يمكن التوصل إليها أن نفي القابلية أعظم امتناعًا من في صرائح العقول من نفي الوجود والعدم معًا.
وحاصل قولهم كما قال المصنف: "فجعلت الوجود الواجب-الذي لا يقبل العدم-هو أعظم الممتنعات". والمعنى أنه إذا عرف واجب الوجود (١)، كما قال الرازي في تعريفه "فسرنا واجب الوجود بذاته بأنه الموجود الذي تكون حقيقته غير
(١) لفظ " واجب الوجود " غير وارد في كلام الله تعالى، ولا في كلام رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد استحدثه الفلاسفة المتأخرون. يقول شيخ الإسلام رحمه الله: "وأما الكلام بلفظ"الواجب الوجود"، و "ممكن الوجود": فهذا من كلام ابن سينا وأمثاله، الذين اشتقوه من كلام المتكلمين المعتزلة ونحوهم، وإلا فكلام سلفهم، إنما يوجد فيه لفظ العلة والمعلول" انتهى من " الصفدية " (٢/ ١٨٠)، وانظر: "منهاج السنة النبوية" (٢/ ١٣٢).