مسألة الخبر والإنشاء وتعريف كل منهما، والفرق بينها تناولها الأصوليون ومن بعدهم البلاغيون بالبحث والجدل الذي لم ينفك عن منهج المتكلمين-وكثير من الأصوليين والبلاغيين منهم-في ضبط الحدود بالجمع والمنع وغيرها مما لا يسلم معه كثير من التعريفات، حتى اضطر بعضهم إلى ترك حد الشيء لعسره، وأظن أن العسر في المنهج الكلامي لا في الأشياء التي يراد تعريفها، والذين قالوا بعدم حد الخبر لضرورته، ربما قال بعضهم ذلك تخلصاً من العسر الذي يشعر بالعقم في المنهج، وإلا فإن المقصود بالتعريف -وخاصة ما كان مفهوماً في الذهن- التوضيح والتقريب والتنبيه، وقد قال الإيجي: "الخبر تصوره ضروري في الأصح، وتعريفاته تنبيهات، فإن التعريف قد لا يراد به إحداث تصور، بل الالتفات إلى تصور حاصل في الذهن، ليتميز من بين تلك التصورات، فيعلم أنه المراد، وكذلك الطلب بأقسامه، فإن كلا يميز بينها ويورد كلا في موضعه، ويجيب عنه بما يطابقه، حتى الصبيان ومن لا يتأتى منه النظر" (١)