للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن جهة ثانية: لم يخبرنا الله -عز وجل- بكيفية وكنه صفاته في كتابه، أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، فما وردت به النصوص هو إثبات وجود لتلك الصَّفات لا إثبات كيفيتها.

ومن جهة ثالثة: فإن الله لم يكلِّف العباد معرفة كيفية صفاته، ولم يتعبدهم بذلك، ولا أراده منهم، بل قصرهم على الإيمان بما أخبر به، فالواجب عليهم أن يؤمنوا الإيمان الصحيح بما كلفوا به، وأن لا يتجاوزوا حدود ذلك" (١).

فكيفية ذات الله -عز وجل- وصفاته عند أهل السنة والجماعة من أمور الغيب التي استأثر الله -عز وجل- بعلمها، ولا مجال للعقل البشري القاصر للخوض فيها؛ لكونها لم ترد في الكتاب الكريم ولا السنة النبوية الصحيحة، فكان البحث عنها لطلب معرفتها بدعة محرمة في الدين (٢)، ومن الأمور المفضية بصاحبها إلى التمثيل (٣)؛ من أجل ذلك نهوا عنه وحذروا منه أشدَّ التحذير.

فالتفكر في ذات الله -عز وجل- وصفاته، لا يوصل إلى نتيجة صحيحة؛ لأنه -سبحانه وتعالى- أعظم من أن تحيط به العقول، أو تدركه الأبصار، وقد قال تعالى: {وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً} (٤)، وهو تكلُّفٌ منهيٌ عنه، ففي الحديث: ((تَفَكَرُوا فِي خَلْقِ اللهِ، وَلَا تَفَكَرُوا فِي اللهِ)) (٥).


(١) معتقد أهل السنة والجماعة في توحيد الأسماء والصفات ص (٩٩)، وانظر: الحجة في بيان المحجة (١/ ٢٨٨)، درء التعارض (٩/ ٢٣ - ٢٤).
(٢) انظر: الحجة في بيان المحجة (٢/ ٤٦٩)، مجموع الفتاوى (٥/ ١٤٩).
(٣) انظر: الرسالة المدنية في الحقيقة والمجاز في الصفات، ضمن مجموع الفتاوى (٦/ ٣٥٥).
(٤) الآية [١١٠] من سورة طه.
(٥) حديث صحيح بمجموع الطرق.
أخرجه أبو نعيم في الحلية (٦/ ٦٧)، والطبراني في المعجم الأوسط (٦/ ٢٥٠) برقم (٦٣١٩)، والبيهقي في شعب الإيمان (١/ ١٣٦) برقم (١٢٠)، وأبو الشيخ في العظمة (١/ ٢١٠) برقم (١).
وضعف البيهقي إسناده، انظر: شعب الإيمان (١/ ١٣٦).
وضعف العراقي إسناد أبي نعيم، وقوى إسناد أبي الشيخ، انظر: المغني عن حمل الأسفار (٦/ ٢٤٥٧ - ٢٤٥٩).
وأورده الحافظ في الفتح (١٣/ ٣٨٣) موقوفاً على ابن عباس -رضي الله عنهما-، وقال: "إسناده جيد".
وقال السخاوي: " وهذه الأخبار أسانيدها ضعيفة، لكن اجتماعها يكسبه قوة، ومعناه صحيح"، كشف الخفاء (١/ ٣١١).
وضعفه الهيثمي في مجمع الزوائد (١/ ٨١).
وضعف الألباني إسناد أبي الشيخ، كما في ضعيف الجامع (٢/ ٣٨ - ٣٩)، وصحح إسناد أبي نعيم كما في صحيح الجامع (١/ ٥٧٢)، وأورده في سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم (١٧٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>