الإسلام لا يقوم إلا بهذا النفي وأن الدهرية من الفلاسفة وغيرهم لا يبطل قولهم إلا بهذا الطريق وأخطأوا في هذا وهذا
أما الفلاسفة الدهرية فإن هذه الطريقة زادتهم إغراء وأوجبت لهم حجة عجز هؤلاء عن دفعها إلا بالمكابرة التي لا تزيد الخصم إلا قوة وإغراء فقالو لهم: كيف يحدث الحادث بلا سبب حادث؟ وكيف تكون الذات حالها وفعلها وجميع ماينسب إليها واحدا من الأزل إلى الأبد؟ والعالم يصدر عنها في وقت دون وقت من غير فعل يقوم به ولا سبب حدث؟
فكان ما جعلوه أصل للدين وشرطا في معرفة الله تعالى منافيا للدين ومانعا من كمال معرفة الله وكان ما أحتجوا به من الحجج العقلية هي في الحقيقة على نقيض مطلوبهم أدل فالحوادث لا تحدث إلا بشرط جعلوه مانعا من الحدوث وأما أمور الإسلام: فإن هذا الأصل اضطرهم إلى نفي صفات الله تعالى لئلا تنتقض الحجة ومن لم ينف الصفات نفى الأفعال القائمة به وغيرها مما يتعلق بمشيئته وقدرته، فلزمهم من عدم الإيمان ببعض ما جاء به الرسول ومن جحد بعض ما يستحقه الله تعالى من أسمائه وصفاته ما أوجب له من من التناقض والإرتياب ما تبين لأولى الألباب فلم يعطوا الإيمان بالله ورسوله حقه ولا الجهاد لعدو الله ورسوله حقه وقد قال تعالى:{إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا}[الحجرات: ١٥].
هذا مع دعواهم أنهم أعظم علما وإيمانا وتحقيقا لأصول الدين وجهادا لأعدائه بالحجج من الصحابة وإن هم في ذلك إلا كبعض الملوك الذين لم يجاهدوا العدو بل أخذوا منهم بعض البلاد ولا عدلوا في المسلمين العدل الذي شرعه الله للعباد إذا