للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعتزلة في بعض مسائل هذا الباب، وإذا كانت بعض هذه الطوائف كالأشاعرة والماتريدية يقولون بالأخذ بالنصوص الشرعية في هذا الباب ويدرجونها تحت ما يسمونه باب السمعيات، ومقصدهم بالسمعيات أن أصول هذا الباب تؤخذ من نصوص الكتاب والسنة مع تأكيدهم على أن باب الإلهيات (أي الإيمان بالله) وباب النبوات (أي الإيمان بالنبي) لا يستدل لها بالنص وإنما دليلها عندهم هو العقل وحده.

وعليه يقال لهم إن النصوص جاءت بالأمرين أي أمر الإيمان بالله، وأمر الإيمان باليوم الآخر، فما بالكم تفرقون بينهما وتجعلون باب الإيمان بالله عز وجل مصدره عقولكم فتثبتون وتنفون بناء عليه، وباب الإيمان باليوم الآخر تقبلون فيه بما وردت به النصوص، فمصدر البابين واحد، وقد بَيَّن الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من أَمْرِ الإيمان بالله واليوم الآخر ما هدى الله به عباده، وكشف به مراده".

فكيف يفرق بين البابين ومصدرهما واحد وهو النبي صلى الله عليه وسلم، فالنصوص جاءت بهذا وهذا، وكلا مسائل البابين من الأمور الغيبية الغير مشاهدة والتي لا سبيل للعلم بها إلا من طريق الوحي.

وعليه فإن حق باب الإيمان بالله أن يعامل معاملة الإيمان باليوم الآخر بأن يرجع فيه إلى النصوص، والنصوص الواردة فيه أكثر بكثير من نصوص الإيمان باليوم الآخر.

فهؤلاء المعطلة آمنوا ببعض وهو الإيمان بما أخبر الله به عن اليوم الآخر وامتثال الأمر، واجتناب النهي، والجزاء على الأعمال، بينما نفوا حقائق أسماء الله وصفاته، وهم أهل التحريف والتأويل، الذين يقولون أن الأنبياء لم يقصدوا بهذه الأقوال - ما في نفس الأمر- وأن الحق في نفس الأمر هم ما علمناه بعقولنا، ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>