للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشرح

لما كان العقل أداة للفهم والإدراك، وما أودع الله فيه من قوة الاستدلال والنظر والمقايسة، جرى استعماله في العقائد لتأييد دلالة الشرع، وقد تضمن الكتاب والسنة جملة من المقاييس العقلية، التي هي بمثابة مقدمات منطقية للوصول إلى النتائج التي جاء بها الشرع، والأمثال المضروبة في القرآن والسنة هي نوع من هذه الأقيسة العقلية (١)، جاءت لتأكيد مسألة اتفاق العقل الصريح مع النقل الصحيح، فاجتمعت فيها دلالة العقل ودلالة الشرع (٢).

قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: ((ودلالة القرآن على الأمور نوعان:

١ ـ أحدهما: خبر الله الصادق، فما أخبر الله ورسوله به فهو حق كما أخبر الله به.

٢ ـ والثاني: دلالة القرآن بضرب الأمثال وبيان الأدلة العقلية الدالة على المطلوب، فهذه دلالة شرعية عقلية، فهي ((شرعية))؛ لأن الشرع دلَّ عليها، وأرشد إليها، و ((عقلية))؛ لأنها تعلم صحتها بالعقل، ولا يقال: إنها لم تعلم إلا بمجرد الخبر.

وإذا أخبر الله بشيء، ودلَّ عليه بالدلالات العقلية، صار مدلولاً عليه بخبره، ومدلولاً عليه بدليله العقلي الذي يعلم به، فيصير ثابتاً بالسمع والعقل، وكلاهما يدخل في دلالة القرآن التي تسمى: "الدلالة الشرعية")) (٣).

ومسألة قياس الأولى التي نحن بصددها، مستفادة من قاعدة الكمال في إثبات


(١) انظر: درء تعارض العقل والنقل (٣/ ٣٠٥).
(٢) انظر: مذهب أهل التفويض في نصوص الصفات ص (٤٨٠).
(٣) تفصيل الإجمال فيما يجب لله من صفات الكمال، ضمن مجموعة الرسائل والمسائل (٥/ ١٩٥ - ١٩٦)، وانظر: درء تعارض العقل والنقل (٩/ ٣٩)، مجموع الفتاوى (٩/ ١٤١ - ١٤٢)، بيان تلبيس الجهمية (٢/ ٥٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>