منها، واسمه الصمد يتضمن إثبات جميع صفات الكمال، فتضمن ذلك إثبات جميع صفات الكمال ونفي جميع صفات النقص، فالسورة تضمنت كل ما يجب نفيه عن الله، وتضمنت أيضاً كل ما يجب إثباته من و جهين:
من اسمه الصمد، ومن جهة أن ما نفي عنه من الأصول والفروع والنظراء مستلزم ثبوت صفات الكمال أيضاً؛ فإن كل ما يُمدح به الرب من النفي فلابد أن يتضمن ثبوتاً، بل وكذلك كل ما يُمدح به شيء من الموجودات من النفي فلابد أن يتضمن ثبوتاً، وإلا فالنفي المحض معناه عدم محض والعدم المحض ليس بشيء، فضلاً عن أن يكون صفة كمال" (١).
وأن سورة الكافرون- والتي سماها المصنف سورة الإخلاص الثانية لأنها تأمر بإخلاص العبادة لله وحده- تشتمل على النوع الثاني من أنواع التوحيد وهو توحيد القصد والطلب وهو توحيد الألوهية والعبادة، بأن لا يقصد العبد إلا ربه، وهذا هو الذي أمره به الله تعالى وطلبه منه، وأمره أن يتبرأ مما يعبده الكافرون بقوله لهم: لا أعبد ما تعبدون، وهو مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله.
والقرآن كله دعوة للتوحيد.
قال ابنُ القيم رحمه الله: «كلُّ سُورة في القرآن هي متضمنة للتوحيد، بل نقول قولًا كليًّا: إن كل آية في القرآن فهي متضمنة للتوحيد، شاهدة به، داعية إليه.
فإن القرآن:
١ - إمَّا خبر عن الله وأسمائه وصفاته وأفعاله، فهو التوحيد العلمي الخبري.
٢ - وإمَّا دعوة إلى عبادته وحده لا شريك له، وخلع كل ما يعبد من دونه، فهو التوحيد الإرادي الطلبي.
(١) تفسير سورة الإخلاص، ضمن مجموع الفتاوى (١٧/ ١٠٨ - ١٠٩).