للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيان ذلك: أنَّ مَنْ أقرَّ بتوحيد الربوبية، وعلم أنَّ الله سبحانه هو الرب وحده لا شريك له في ربوبيته لَزمه (١) من ذلك الإقرار أن يُفرد الله بالعبادة وحده سبحانه وتعالى؛ لأنه لا يصلح أن يعبد إلا من كان ربًّا خالقًا مالكًا مدبرًا، وما دام كله لله وحده وجب أن يكون هو المعبود وحده.

ولهذا جَرَت سُنَّة القرآن الكريم على سوق آيات الربوبية مَقرونة بآيات الدعوة إلى توحيد الألوهية، ومن أمثلة ذلك:

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.

وأمَّا توحيد الألوهية فهو متضمن لتوحيد الربوبية؛ لأنَّ مَنْ عبد الله ولم يُشرك به شيئًا فهذا يدل ضمنًا على أنه قد اعتقد بأن الله هو ربه ومالكه الذي لا ربَّ غيره.

وهذا أمر يشاهده المُوحد من نفسه، فكونه قد أفرد الله بالعبادة ولم يَصرف شيئًا منها لغير الله، ما هو إلا لإقراره بتوحيد الربوبية، وأنه لا ربَّ ولا مالك ولا متصرف إلا الله وحده.

وأمَّا توحيد الأسماء والصفات فهو شامل للنَّوعين معًا، وذلك لأنه يقوم على إفراد الله تعالى بكلِّ ما له من الأسماء الحسنى والصفات العُلى التي لا تنبغي إلا له سبحانه وتعالى، والتي من جملتها: الرَّب-الخالق-الرازق-الملك، وهذا هو توحيد الربوبية.

ومن جملتها: الله-الغفور-الرحيم-التَّواب، وهذا هو توحيد الألوهية (٢)


(١) اللازم هنا قد يتخلف، كما هو الحال في كفار قريش؛ فهم يُقرون بتوحيد الربوبية، كما دَلَّت على ذلك النصوص، ولكنهم لم يُحققوا اللازم مِنْ إقرارهم بتوحيد الربوبية.
(٢) انظر: «الكواشف الجلية عن معاني الواسطية» للشيخ عبد العزيز السلمان (ص ٤٢١، ٤٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>