للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا تمتزج بها الهيولى بحال" (١)

وهذه النظرية هي «المفتاح الذي يلجأ إليه من أجل تفسير كل شيء في أية ناحية من نواحي الفلسفة أو العلم، (ولتوضيح معنى المادة نقول «إن الرخام بعد مادة أساسية للتمثال، والخشب مادة للمقعد، ومن الممكن أن يصبح الرخام تمثالا كما يمكن أن يكون شيئا آخر، والخشب قد يصلح مقعدا أو مائدة؛ فالصورة هي التي تخلع على المادة هيئتها وتحددها وهي كمال المادة، ويتبين لنا أن هناك فارقا في الوجود قبل نحت الصورة وبعده، ذلك أن الرخام كان قبل النحت هو مادة غفلًا من الهيئة أو المعنى، فأصبحت بعد النحت معبرة دالة؛ وبدهي أن قطعة الرخام تعبر في الحالة الأخيرة عن وجود أسمى وأرقى منه في حالتها وهي مادة خام قبل النحت والتشكل، وهذا هو معنى الكمال. والأمر عينه بالنسبة للإنسان فالجسم هو المادة والنفس هي الصورة وكلا الاثنين يمثلان جوهرًا واحدًا فلا تنفك إحداهما عن الأخرى بحال من الأحوال ويترتب على ذلك استحالة القول باستقلال النفس عن الجسم، واستحالة وجود الجسم بدون النفس، فليس من الممكن أن نعد النفس جوهرًا مستقلا وهي لا تؤدي وظائفها إلا إذا استعانت بالجسم على نحو ما. فهي تستخدم الحواس في البصر والمس والذوق والشم. وهل لها أن تتخيل أو نحو ما. فهي تستخدم الحواس في البصر واللمس والذوق والشم. وهل لها أن تتخيل أو تشتهي أو تغضب دون أن تكون على صلة وثيقة بالبدن. وكذا الأمر في كل من الخيال والتفكير. فإن هذا الأخير إنما يتخذ الخيال والحس نقطة بدء له، وإن كان لا يستخدم آلة جسمية كما هي الحال في الوظائف النفسية الأخرى. وحينئذ فإذا أردنا أن نعرف النفس وجب القول بأنها الكمال الأول لجسم طبيعي توجد فيه الحياة بالقوة» (٢)

والجدير ذكره أن: "تقسيم الوجود إلى واجب وممكن هو تقسيم ابن سينا


(١) النفس والعقل لفلاسفة الإغريق والإسلام لمحمود قاسم ص ٦٥ - ٦٧.
(٢) ابن سينا لعباس العقاد ص ٣١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>