للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أكثر فرق أهل الكلام من المسلمين وغيرهم كالكلابية والنجارية والضرارية والهشامية وكثير من الكرامية لا يقولون بهذا ولا بهذا كما عليه جماهير أهل الفقه وغيرهم.

والكلام على من فرق بين الوجود والماهية مبسوط في غير هذا الموضع والمقصود هنا التنبيه على أن ما ذكروه في المنطق من الفرق بين الماهية ووجود الماهية في الخارج هو مبنى على هذا الأصل الفاسد.

وحقيقة الفرق الصحيح أن الماهية هي ما يرتسم في النفس من الشيء والوجود هو نفس ما يكون في الخارج منه، وهذا فرق صحيح، فإن الفرق بين ما في النفس وما في الخارج ثابت معلوم لا ريب فيه وأما تقدير حقيقة لا تكون ثابتة في العلم ولا في الوجود فهذا باطل.

ومعلوم أن لفظ الماهية يراد به ما في النفس والموجود في الخارج، ولفظ الوجود يراد به بيان ما في النفس والموجود في الخارج، فمتى أريد بهما ما في النفس فالماهية هي الوجود وإن أريد بهما ما في الخارج فالماهية هي الوجود أيضا وأما إذا بأحدهما ما في النفس وبالآخر ما في الوجود الخارج فالماهية غير الوجود.

وكلامهم إنما يستلزم ثبوت ماهية في الذهن لا في الوجود الخارجي وهذا لا نزاع فيه ولا فائدة فيه إذ هذا خبر عن مجرد وضع واختراع، إذ يقدر كل إنسان أن يخترع ماهية في نفسه غير ما اخترعه الآخر، وإذا ادعى هذا أن الماهية هي الحيوان الناطق أمكن الآخر أن يقول بل هي الحيوان الضاحك وإذا قال هذا أن الحيوانية ذاتية للإنسان بخلاف العددية للزوج والفرد أمكن الآخر أن يعارضه ويقول بل العدد ذاتي للزوج والفرد واللون ذاتي للسواد بخلاف الحيوان فليس ذاتيا للإنسان إذ مضمون هذا كله أن يأتي شخص إلى صفات متماثلة في الخارج فيدعى أن الماهية

<<  <  ج: ص:  >  >>