للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا تبين هذا فالنزاع بين مثبتة الجوهر والجسم ونفاته، يقع من جهة المعنى فسر شيئين: أحدهما: أنهم متنازعون في تماثل الأجسام والجواهر على قولين معروفين.

فمن قال بتماثلها، قال: كل من قال: إنه جسم لزمه التمثيل.

ومن قال إنها لا تتماثل، قال: إنه لا يلزمه التمثيل.

ولهذا كان أولئك يسمون المثبتين للجسم مشبهة، بحسب ما ظنوه لازماً لهم، كما يسمى نفاة الصفات لمثبتيها مشبهة ومجسمة، حتى سموا جميع المثبتة للصفات مشبهة، ومجسمة، وحشوية، وغثاء، وغثراء، ونحو ذلك، بحسب ما ظنوه لازماً لهم.

لكن إذا عرف أن صاحب القول لا يلتزم هذه اللوازم، لم يجز نسبتها إليه على أنها قول له، سواء كانت لازمة في نفس الأمر أو غير لازمة، بل إن كانت لازمة مع فسادها، دل على فساد قوله" (١).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "المتفلسفة الذين قالوا: إن النفس الناطقة لا تتحرك ولا تسكن ولا تصعد ولا تنزل وليست بجسم فإن عمدهتم على ذلك كونها يقوم بها ما لا ينقسم كالعلم بما لا ينقسم وإذا لم تنقسم امتنع كونها جسما وكلا المقدمتين ممنوعة" (٢)


(١) درء تعارض العقل والنقل ٢/ ٢٥٥ - ٢٥٦.
(٢) درء تعارض العقل والنقل: ١/ ٢٧٧

<<  <  ج: ص:  >  >>