وأحدهما: التوحيد العِلمي الخبري الاعتقادي المتضمن إثبات صفات الكمال لله تعالى، وتنزيهه فيها عن التشبيه والتمثيل، وتنزيهه عن صفات النقص.
قال الإمامُ ابنُ القَيِّم رحمه الله تعالى:«ولا ريبَ أنَّ العِلم به وبأسمائه وصفاته وأفعاله أَجَلُّ العلوم وأَفضلها، ونِسبته إلى سائر العلوم كنسبة معلومه إلى سائر المعلومات، وكما أنَّ العلمَ به أَجَلُّ العلوم وأشرفُها، فهو أصلها كلها، كما أنَّ كل موجود فهو مستند في وجوده إلى الملك الحق المبين ومفتقر اليه في تحقق ذاته وأينيته، وكل علم فهو تابع للعلم به مُفتقر في تحقق ذاته إليه، فالعلم به أصل كل علم، كما أنَّه-سبحانه-ربُّ كل شيء ومليكه ومُوجده … »، إلى أن قال:«فالعِلم بذاته-سبحانه-وصفاته وأفعاله يستلزم العلم بما سواه فهو-في ذاته-ربُّ كل شيء ومليكه، والعلم به أصل كل علم ومَنشؤه؛ فمَن عَرف الله عرف ما سواه، ومَن جهل ربَّه فهو لما سواه أجهل»(١).
والتوحيد الثاني: عبادته وحده لا شريك له، وتجريد محبته والإخلاص له وخوفه ورجاؤه والتوكل عليه، والرضا به ربًّا وإلهًا ووليًّا، وأن لا يَجعل له عدلًا في شيء من الأشياء.
وقد جمع سبحانه وتعالى هذين النوعين في سورتي الإخلاص، وهما سورة:{قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} المتضمنة للتوحيد العملي الإرادي.
وسورة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} المتضمنة للتوحيد العلمي الخبري.
فسورة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} فيها بيانُ ما يجب لله تعالى من صفات الكمال، وبيان ما يجب تنزيهه عنه من النقائص والأمثال.
(١) «مفتاح دار السعادة» (١/ ٨٦)، دار الكتب العلمية -بيروت.