للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما سبق هو إشارة للمقصود وتبيان لأهمية هذه الدلالة" (١).

وهكذا في ألفاظ المعية، في كل نص قد تقتضي معنى خلاف الآخر، فمع أن الله سبحانه وتعالى مع خلقه جميعًا بعلمه، فإنه مع أوليائه وعباده الصالحين بنصره وتأييده إضافة إلى علمه، فهذا النوع يسمى التواطؤ المشكك، فالتواطؤ نوعان: كلِّي ومشكك.

فلاحظ أن اللبس يأتي في أذهان البعض من فهمه الخاطئ، أو يريد أن يحمِّل النصَّ معنى لا يحتمله، ولو عاد إلى لغة العرب وعاد إلى كلام أهل العلم لوجد أن الأمر في غاية الوضوح والجلاء، فلم يتردد واحد من السلف فيقول: لعلها معية ذاتية، ولم يُنقل هذا عنهم، وهذا ابن عبد البر ينقل إجماع السلف أنهم فسَّروا المعيَّة بمعيَّة العلم، وهكذا ابن تيمية وهكذا تلميذه ابن القيم، وهكذا جمعٌ من أهل العلم، بيَّنوا أن المعيَّة هنا ليست معيَّة ذاتية.

الضابط الرابع: حال المتكلم.

أو ما يمسى بمفهوم مقتضى الحال، أو ما يعبر عنه بمطابقة الكلام لمقتضى الحال.

ويعتبر السياق من القرائن الكبرى التي يستند عليها التحليل الدلالي، وعلماء الدلالة حينما يتحدثون عن السياق يقسمونه إلى نوعين:

النوع الأول: نوع لغوي يهتم بالسياق واللاحق.

والنوع الثاني: وآخر مقامي لا يمكن إغفاله يراعي ملابسات الكلام، وأطلق عليه العلماء-قديما وحديثا-مصطلحات كثيرة، لعل أقدمها مقتضى الحال (٢).

وعرف بأنه: "الخلفية غير اللغوية للكلام أو (النص) ومن خلالها يأخذ تمام


(١) انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية: ٦/ ١٥ - ٢٣، لتبيان أمثلة توضح دلالة السياق وأثرها في فهم النص، وانظر كذلك: الدراسات اللغوية والنحوية في مؤلفات ابن تيمية للشجيري: ٩١ - ٩٥.
(٢) انظر: مقتضى الكلام بين التراث العربي والدراسات اللغوية الحديثة: ص: ١

<<  <  ج: ص:  >  >>