للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن كلام شيخ الإسلام في هذا الموضوع قوله: «سَمَّى الله نفسه بأسماء وسَمَّى صفاته بأسماء، وكانت تلك الأسماء مختصة به إذا أُضيفت إليه لا يُشركه فيها غيره».

وسَمَّى بعض مخلوقاته بأسماء مختصة بهم مضافة إليهم، تُوافق تلك الأسماء إذا قُطعت من الإضافة والتخصيص.

ولم يلزم من اتفاق الاسمين وتماثل مُسَمَّاهما واتحاده-عند الإطلاق والتجريد عن الإضافة والتخصيص-اتَّفاقُهما، ولا تماثل المسمى عند الإضافة والتخصيص؛ فضلاً عن أن يتحد مُسَمَّاهما عند الإضافة والتخصيص.

فقد سَمَّى الله نفسه حيًّا فقال: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة الآية: ٢٥٥]، وسَمَّى بعض عباده حيًّا؛ فقال: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيّ} [يونس: ٣١].

وليس هذا الحي مثل هذا الحي؛ لأن قوله: (الحي) اسم لله مختص به، وقوله: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ} [يونس: ٣١] اسم للحيِّ المخلوق مختصٍّ به.

وإنما يتفقان إذا أُطلقا وجُرِّدا عن التخصيص، ولكن ليس للمطلق مسمى موجود في الخارج، ولكن العقل يَفهم من المطلق قدرًا مشتركًا بين المُسميين.

وعند الاختصاص: يُقَيَّد ذلك بما يتميز به الخالق عن المخلوق والمخلوق عن الخالق.

ولابد مِنْ هذا في جميع أسماء الله وصفاته، يُفهم منها ما دل عليه الاسم بالمواطأة والاتفاق، وما دل عليه بالإضافة والاختصاص المانعة من مشاركة المخلوق للخالق في شيء من خصائصه سبحانه وتعالى.

وكذلك سَمَّى الله نفسه: {عَلِيمًا حَلِيمًا} [الأحزاب الآية: ٥١]، وسَمَّى بعض عباده (عليمًا)؛ فقال: {وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ} [الذريات الآية: ٢٨]. يعني إسحاق، وسمى آخر (حليمًا)، {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ} [الصافات الآية: ١٠١]، يعني إسماعيل؛ وليس العليم

<<  <  ج: ص:  >  >>