للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومتأخرو الأشاعرة هؤلاء وإن كانوا يخالفون المعتزلة في جعلهم الصفة غير الذات كما في الحكم الأول فيثبتون الصفات القديمة من هذا الباب، إلا أنهم قد وافقوا المعتزلة في دليلهم المسمى بدليل نفي الحوادث فنفوا باقي الصفات الأخرى، ذلك لأن قولهم في الحكم الثالث من الأحكام الأربعة التي أوردناها إنها لو كانت حادثة لكان القديم محلا للحوادث، هو بعينه ما استدل به المعتزلة على نفي الصفات (١).

ويقول متأخرو الأشاعرة في دليلهم العقلي على نفي العلو إن إثبات العلو يقتضي إثبات الجهة وإثبات الجهة يقتضي كونه جسماً، وكونه جسماً يقتضي كونه مركباً، والمركب مفتقر إلى جزئيه، والمفتقر إلى جزئيه لا يكون إلا حادثا والله سبحانه منزه عن الحوادث (٢).

فعلى قولهم هذا يكونون هم والمعتزلة على دليل واحد، وقد سبق أن ذكرنا الرد على المعتزلة فيكون الرد على هؤلاء من جنس الرد على أولئك، ويضاف إلى ذلك أن القول في الصفات التي نفاها هؤلاء هو كالقول في الصفات التي أثبتوها، فإن كان هذا تجسيماً وقولا باطلاً فهذا كذلك.

وإن قالوا: إن إثباتها على الوجه الذي يليق بالرب.

قيل لهم: وكذلك هذا.

فإن قالوا: نحن نثبت تلك الصفات وننفي التجسيم.

قيل لهم: وهذا كذلك، فليس لكم أن تفرقوا بين المتماثلين (٣).


(١) مختصر الصواعق (١/ ٢٥٥).
(٢) نقض التأسيس (١/ ٥٠٣).
(٣) مجموع الفتاوى (١٣/ ١٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>