وبهذه النماذج التي أوردناها عن الأدلة العقلية يتضح لنا مدى دلالة المعقول الصريح على إثبات علو الله ومباينته لخلقه وكذلك مدى مخالفة أقوال المعطلة والحلولية لصريح المعقول وصحيح المنقول.
الأمر الثاني: أن صفة الاستواء من الصفات الثابتة بدليل السمع.
فقوله:"وأما الاستواء على العرش فطريق العلم به هو السمع"
الاستواء صفة ثابتة في القرآن والسنة وقد أجمع سلف الأمة على إثباتها.
وذكر صفة الاستواء جاء في سبعة مواضع من القرآن الكريم، كما أن السنة مليئة بالأحاديث الثابتة الصحيحة الدالة على علو الله واستوائه على عرشه.
والآيات السبع التي جاء فيه ذكر الاستواء على العرش قد جاءت مصحوبة بما يبهر العقول من صفات الله وجلاله وكماله، وسنذكر تلك الآيات وما اقترن بها.
ا- فأول سورة ذكر الله فيها صفة الاستواء حسب ترتيب المصحف سورة الأعراف: قال تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بأمره أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف، الآية: ٥٤ [
فهل لأحد أن ينفي شيئا من هذه الصفات الدالة على الجلال والكمال (١).