والقول بالتفويض هو مقصود هؤلاء القوم في قولهم:(إن طريقة السلف أسلم)، حيث إنهم ظنوا أن طريقة السلف هي مجرد الإيمان بألفاظ القرآن والحديث من غير فقه لذلك، بمنزلة الأميين الذين قال الله فيهم:{وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ}[البقرة ٧٨].
الرد عليهم:
معلوم أن نسبة هذا القول إلى السلف إنما هي محض كذب وافتراء، ومن نسب هذا القول إلى السلف فإنما هو جاهل بطريقة السلف الذين لم يقولوا بهذا القول، ولم يرد عن واحد منهم أنه فوض معنى الاستواء، بل أن الوارد عنهم جميعاً أنهم يفسرون الاستواء بالمعنى المراد وهو العلو والارتفاع على العرش ويؤمنون بأن الله مستو على العرش حقيقة.
قال شيخ الإسلام:"وهذا القول على الإطلاق كذب صريح على السلف، أما في كثير من الصفات فقطعاً مثل أن الله فوق العرش فإن من تأمل كلام السلف المنقول عنهم علم بالاضطرار أن القوم كانوا مصرحين بأن الله فوق العرش حقيقة، وأنهم ما قصدوا خلاف هذا قط، وكثير منهم صرح في كثير من الصفات بمثل ذلك"(١).
وقال في موضع آخر: "وقد فسر الإمام أحمد النصوص التي نسميها متشابهات فبين معانيها آية آية، وحديثاً حديثاً ولم يتوقف فيها هو والأئمة قبله مما يدل على أن التوقف عن بيان معاني آيات الصفات وصرف الألفاظ عن ظواهرها لم يكن مذهباً لأهل السنة وهم أعرف بمذهب السلف، وإنما مذهب السلف إجراء معاني آيات الصفات على ظاهرها بإثبات الصفات له حقيقة، وعندهم قراءة الآية والحديث