أي هل يقال عن بناء السماء أنها مثل بناء الإنسان لبيت ونحوه باعتبار أن لفظ البناء ورد في الأمرين، فلا يعقل أن يتوهم عاقل في السماء أن بناءها "مثل بناء الآدمي المحتاج، الذي يحتاج إلى زُبُل ومجارف وأعوان وضرب لبن وجَبْل طين؟ "
المثال الثاني: قوله: "ثم قد عُلم أن الله تعالى خلق العالَم بعضه فوق بعض، ولم يجعل عاليه مفتقرًا إلى سافله"
وأعطى أمثلة على ذلك:
المثال الأول:"فالهواء فوق الأرض، وليس مفتقرًا إلى أن تحمله الأرض".
المثال الثاني:"والسحاب أيضًا فوق الأرض، وليس مفتقرًا إلى أن تحمله"
المثال الثالث:"والسموات فوق الأرض، وليست مفتقرة إلى حمل الأرض لها"
فإذا كان هذا حال المخلوق مع المخلوق "فالعلي الأعلى رب كل شيء ومليكه إذا كان فوق جميع خلقه كيف يجب أن يكون محتاجًا إلى خلقه، أو عرشه! أو كيف يستلزم علوه على خلقه هذا الافتقار وهو ليس بمستلزم في المخلوقات! وقد عُلم أن ما ثبت لمخلوق من الغنى عن غيره فالخالق سبحانه أحق به وأَوْلَى".
فاستخدم المصنف هنا قياس الأولى في إثبات كون اتصاف الله بصفة الاستواء لا يلزم منه الاحتياج والافتقار كما زعم المعطل، فإذا كان بعض المخلوقات كالهواء والسحاب والسموات لا تفتقر في علوها لما هو أسفل منها، فإنه من باب أولى أن يكون الله في استوائه غير مفتقر لا للعرش ولا لحملته ولا إلى غير ذلك من خلقه.