للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرح

لا زال حديث المصنف موصولًا عن بيان أحد معاني التأويل الذي هو حقيقة الشيء وكيفيته، وقد سبق بيان أن هذا النوع من التأويل ينقسم بحسب نوع الكلام، وأن الكلام ينقسم إلى قسمين فمنه ما هو خبر ومنه ما أمر، وسبق بيان الفرق بين تأويل الأمر وتأويل الخبر هو:

أن الأمر يجب معرفته حتى يفعل، فلا بد في الأوامر والنواهي أن تمتثل.

أما الخبر فلا يجب معرفته، فإنه يقع وإن جهل.

قال ابن القيم: "وقد أخبرنا الله عن تفاصيل يوم القيامة وما في الجنة والنار، فقامت حقائق ذلك في قلوب أهل الإيمان وشاهدته عقولهم ولم يَعرفوا كيفيته وكنهه، فلا يشكُّ المسلمون أن في الجنة أنهارًا من خمر وأنهارًا من عسل، ولكن لا يعرفون كنه ذلك ومادته وكيفيته؛ كما قال ابن عباس: «ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء».

فكذا الأسماء والصفات لا يَمنع انتفاء نظيرها في الدنيا مِنْ فهم معانيها وحقائقها والإيمان بذلك واعتقاد اتصاف الله بها" (١).

ويجب على طالب العلم أن يفرق بين معاني التأويل الشرعية عمومًا عمومًا ليعرف مقصود السلف في التعامل مع كل معنى، ومما يوضح ذلك أنه.

أولًا: إذا قصد بمعنى التأويل التفسير.

فإنه على هذا المعنى يقال إن السلف يجرون هذه النصوص على ظاهرها، ولكن الظاهر الذي يليق بجلال الله سبحانه وتعالى وكماله، فيثبتون اليد، ويثبتون السمع،


(١) «مدارج السالكين» (٣/ ٣٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>