للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَسْمَائِهِ} [الأعراف: ١٨٠] فيها قاعدة. في آية واحدة تستخرج جملة من القواعد وجملة من المعاني، ولو أنَّنا تدبرنا كلام الله وكلام رسوله -صلى الله عليه وسلم- سيكون هذا-بإذن الله تعالى-سببًا في أن تلين هذه القلوب: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} [الحديد: ١٦]، ستلين هذه القلوب، وسيكون هذا سببًا في فلاحها وسعادتها.

بل ونحن نشاهد في عصرنا الحاضر كيف أن القلوب مَرضت حتى كثرت العيادات النفسيَّة؟! وتأسف كيف لأمة أن يكون هذا هو حالها، مع أنَّ نَبِيَّها -صلى الله عليه وسلم- أرشدَها إلى ما فيه دواء هذه النُّفوس، حيث قال: «ما أصابَ عبدًا قط هَمٌّ ولا غَمٌّ ولا حَزَنٌ .. »، هذه ثلاثة أحوال تصيب النفس: الهم والغم والحزن، ما الفرق بينها؟ الهم يأتي قبل المكروه؛ فأنت إذا توقعت مكروهًا أصابك الهم؛ تهتم له. والغم يأتي أثناء المكروه؛ أثناء المصيبة. والحزن يأتي بعد وقوع المصيبة. والإنسان دائمًا بين هَمٍّ؛ يعني يتوقعه مستقبلًا، أو أمر قد فاته قد حَزن عليه، أو في غَمٍّ أصابه في ذلك الوقت؛ فيقول النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- وهو الطبيب لهذه الأمة؛ التي أعرضت هذه الأمة عن طِبِّه وعن دوائه-يقول لنا: «ما أصاب عبدًا قطٌّ هَمٌّ ولا غَمٌّ ولا حَزن، ثم قال: اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أَمَتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حُكمك، عدلٌ فيَّ قضاؤك؛ أسألك بكلِّ اسمٍ هو لك سَمَّيْتَ به نفسَك .. » -انظر بماذا سأل؟ سأل الله بأسمائه تصديقًا وتطبيقًا لقول الله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: ١٨٠]- «أسألُك بكلِّ اسمٍ هو لك سَمَّيْتَ به نفسَك، أو أنزلته في كتابِك، أو عَلَّمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في عِلم الغيب عندك: أن تَجعل القرآنَ العظيم ربيعَ قلبي … » إلى آخر الحديث (١).

انظر كيف أعطى النبي -صلى الله عليه وسلم- تطبيقًا لهذه الآية: ومصداقًا لهذه الآية:؛ فسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى. فهل الأمة تُطبق هذا في حالها؟!


(١) أخرجه أحمد في «المسند» (٣٧١٢)، وابن حبان في «صحيحه» (٩٧٢) من حديث ابن مسعود ?، وصححه الألباني في «الصحيحة» (١٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>