للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأنبياء، ولا الملائكة، ولا الصحابة، ولا أحد من الأمة، ما أراد الله بها، كما لا يعلمون وقت الساعة.

الثانية تقول: بل تحري على ظاهرها، وتحمل عليه، ومع هذا، فلا يعلم تأويلها إلا الله تعالى فتناقضوا؛ حيث أثبتوا لها تأويلا يخالف ظاهرها، وقالوا، مع هذا بأنها تحمل على ظاهرها.

وهم أيضا طائفتان؛ من حيث علم الرسول صلى الله عليه وسلم بمعاني النصوص

الأولى تقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يعلم معاني النصوص المتشابهة، لكنه لم يبين للناس المراد منها، ولا أوضحه إيضاحا يقطع النزاع، وهذا هو المشهور عنهم.

والثانية تقول: وهم الأكابر منهم، أن معاني هذه النصوص المتشابهة لا يعلمها إلا الله، لا الرسول، ولا جبريل، ولا أحد من الصحابة والتابعين، وعلماء الأمة.

وعند الطائفتين أن هذه النصوص إنما أنزلت للابتلاء، والمقصود منها تحصيل الثواب بتلاوتها، وقراءتها، من غير فقه، ولا فهم) (١).

ويرى شيخ الإسلام أن القول بالتفويض يفضي إلى (القدح في الرب جلا وعلا، وفي القرآن الكريم، وفي الرسول صلى الله عليه وسلم؛ وذلك بأن يكن الله تعالى أنزل كلاماً لا يفهم، وأمر بتدبر ما لا يتدبر، وبعقل ما لا يعقل، وأن يكون القرآن الذي هو النور المبين والذكر الحكيم سبب لأنواع الاختلافات، والضلالات، بل يكون بينهم، وكأنه بغير لغتهم، وأن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم لم يبلغ البلاغ المبين، ولا بين للناس ما نزل إليهم، وبهذا يكون قد فسدت الرسالة، وبطلت الحجة، وهو الذي لم يتجرأ عليه صناديد الكفر) (٢)


(١) مجموع الفتاوى: ١٦/ ٤٤٢.
(٢) انظر كتاب درء تعارض العقل والنقل: ١/ ٢٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>