للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعلوم أن إثبات التشبيه بهذا التفسير مما لا يقوله عاقل يتصور ما يقول، فإنه يعلم بضرورة العقل امتناعه، ولا يلزم من نفي هذا نفي التشابه من بعض الوجوه، كما في الأسماء والصفات المتواطئة.

ولكن من الناس من يجعل التشبيه مفسرًا بمعنى من المعاني، ثم إن كل من أثبت ذلك المعنى قالوا: إنه مشبِّه. ومنازعهم يقول: ذلك المعنى ليس هو من التشبيه".

طرح المصنف أحد احتمالين لطائفة النفاة

في مقصودهم بنفي التشبيه على حد اصطلاحهم ومرادهم في إطلاق هذا اللفظ.

الاحتمال الأول: "أنه مماثل له من كل وجه" ففسروا التماثل بحسب اصطلاحهم "بأنه يجوز على أحدهما ما يجوز على الآخر، ويمتنع عليه ما يمتنع عليه، ويجب له ما يجب له" أي أنه يثبت للمخلوق مثل ما يثبت له، بحيث يجوز على هذا ما يجوز على هذا، ويجب له ما يجب له، ويمتنع عليه ما يمتنع عليه (١).

الاحتمال الثاني: قال عنه: "وإن أردت أنه مشابه له من وجه دون وجه، أو مشارك له في الاسم". أي أنه يثبت له ما فيه نوع من التشابه (٢).

وقال المصنف في الصفدية: "وإن كان بعض من يثبت له بعض الصفات وينفي بعضها مثل من يثبت لله العلم والقدرة وينفي الرضا والغضب والوجه واليد قد يقول ليس بين علمنا وعلم الله فرق ولا بين سمعنا وسمع الله فرق ولا بين بصرنا وبصر الله فرق إلا في الحدوث والقدم.

ومقصوده بذلك أن ينفصل عن إلزام المثبتة فإنهم يقولون له كما أثبت لله علما وقدرة وسمعا وبصرا وليس مثل سمعنا وبصرنا ولا علمنا وقدرتنا فكذلك أثبت له


(١) الصفدية ٢/ ١٠ - ١١.
(٢) الصفدية ٢/ ١٠ - ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>