للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا كان المثلان يجوز على أحدهما ما يجوز على الآخر وهذه الذات لا يجوز عليها القدم بل يمتنع عليها وتلك يجب لها القدم ويمتنع عليها العدم وإذا امتنع تماثلهما فامتنع تماثل صفاتهما فإن صفة كل موصوف بحسبه" (١).

فإن قيل الأمور المختلفة قد تشترك في لوازم متماثلة كالإنسان والفرس يشتركان في الحيوانية.

قيل ليست الحيوانية العامة المختصة للإنسان مماثلة من كل وجه للحيوانية المختصة بالفرس بل هما مختلفان حسب اختلاف الحقيقتين وإن اشتركا في الحيوانية العامة فذلك العام لا يوجد عاما إلا في الذهن لا في الخارج.

تبيين ذلك أن خاصة الحيوانية الحس والحركة الإرادية وإحساس الفرس ليس مثل إحساس الإنسان بل ولا مثل إحساس الهر والفأر وإن اشتركا في الحيوانية ولا حركته الإرادية مثل حركة هذه الحيوانات الإرادية ولو ماثل الإنسان سائر الحيوان في الحس والحركة الإرادية للزم أن تثبت لكل منهما لوازم حس الآخر وحركته الإرادية فإن ثبوت الملزوم بدون اللازم ممتنع وحس الإنسان وحركته الإرادية يلزمهما لوازم يمتنع اتصاف الهر والفأر بها وكذلك بالعكس فعلمنا أن الحس والحركة مختلفان فيهما بالنوع كما أن حقيقتهما مختلفة بالنوع فحيوانيتهما مختلفة بالنوع والمختلف بالنوع والحقيقة ليس متماثلا واشتراكهما في جنس الحيوانية كاشتراك السواد والبياض في جنس اللونية مع أنهما مختلفان بالنوع والحقيقة.

(الوجه الثاني): وأيضًا فكل ما للرب تعالى من صفات الكمال فهو من لوازم ذاته فلو ماثلته ذات أخرى لاتصفت بمثل ما اتصف به الرب بحيث يكون بكل شيء


(١) الصفدية ٢/ ١٠ - ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>