للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قائم بنفسه، وهذا المطلق الكلي وهو الذي من خلاله نفهم ما خوطبنا به" (١).

أي مع إثبات حقائق الصفات، فإن أهل السُنَّة يعتقدون في نفس الأمر أن لله تعالى خصائص في تلك الصفات، فمثلاً إذا قلنا: حياة الله تعالى؛ فإن حياةَ اللهِ تعالى لها خصائص يختصُّ الله سبحانه وتعالى بها دون سائر المخلوقات، فمن خصائص حياة الله سبحانه وتعالى أن حياته الحياة الكاملة الدائمة التي لم تُسبَق بالعدم ولا يلحقها الزوال ولا يعتريها النقص بأي وجه من الوجوه، وهذا المقصود بنفي المماثلة.

فإذاً هذه الصفات تثبت لله تعالى على الحقيقة مع اعتقاد أن الله سبحانه وتعالى منزَّه في ذلك عن مماثلة الخلق، فالله سبحانه وتعالى يعلم الحقيقة، ولكنه سبحانه وتعالى في علمه لا يماثله في ذلك أحدٌ من خلقه، وكذلك يتكلم حقيقة، وكذلك سبحانه وتعالى لا يماثله في ذلك أحدٌ من خلقه، مع الأمر الثالث وهو عدم الخوض في الكيفية، كيف يتكلَّم؟ وكيف استوى؟ وكيف ينزل؟ هذا أمرٌ لا نخوض فيه؛ لأننا لم نطلع عليه ولا سبيل لنا إليه.

والتباين الذي يقرُّ به كل مثبتة الذات، بين ذات الله -عز وجل- وذوات المخلوقين يوجب اضطراراً التباين بين صفات الخالق والمخلوق (٢)، ثم إن إثبات المماثلة بين الخالق والمخلوق يستلزم نقص الخالق سبحانه، والله منزه عن كل نقص (٣).


(١) انظر: مجموع الفتاوى: ٢/ ٦٢ - ٦٣، منهاج السنة: ٢/ ٥٩٦ - ٥٩٨، وموقف ابن تيمية من الأشاعرة: ١٠٨٢ - ١٠٨٣، التدمرية: ٣٩ - ٤٠.
(٢) تقريب التدمرية (ص ٢٣ - ٢٤).
(٣) تقريب التدمرية (ص ٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>