للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالنصارى قالوا: إن كلمة الله التي بها خلق كل شيء تجسدت بإنسان، فكان من ردود أهل الإسلام عليهم-لبيان باطلهم-أن بينوا تهافت قولهم: إن كلمة الله بها خلق كل شيء، لأن الخالق هو الله، وهو خلق الأشياء بقوله "كن" وهو كلامه، فالخالق لم يخلق به الأشياء، فالكلام الذي به خلقت الأشياء ليس هو الخالق لها، بل به خلق الأشياء، فضلال هؤلاء أنهم جعلوا الكلمة هي الخلق. والكلمة مجرد الصفة، والصفة ليست خالقة، وإن كانت الصفة مع الموصوف فهذا هو الخالق، ليس هو المخلوق به، والفرق بين الخالق للسموات والأرض والكلمة التي بها خلقت السموات والأرض أمر ظاهر معروف، كالفرق بين القدرة والقادر … (١) فهؤلاء النصارى جعلوا الصفة غير الموصوف، وجعلوها خالقة، بل جعلوها حلَّت في أحد المخلوقات.

ب - وكان من آثار مناقشة أهل الكلام-وخاصة المعتزلة-للنصارى أن تطرقوا لهذا الموضوع كثيراً، فنشأت شبهة تعدد القدماء، وأن إثبات صفة لله يلزم منه أن تكون قديمة، وإذا كانت غير الموصوف لزم تعدد القدماء، فظنُّوا-أي المعتزلة-أن تحقيق التوحيد، والخلوص من شرك النصارى لا يتم إلا بنفي جميع الصفات عن الله تعالى، وبنوا ذلك على:

أن الصفة غير الموصوف، وغير الذات.

وأن الصفة لله لابد أن تكون قديمة.

والنتيجة أن إثبات الصفات لله يلزم منه تعدد القدماء، وهو باطل. (٢) والعجيب


(١) انظر: ((الجواب الصحيح)) (٢/ ٢٦٦، ٢٩٢، ٣/ ٥٤ - ٥٥).
(٢) انظر: تفصيل مذهب المعتزلة في ((المحيط بالتكليف)) (ص: ١٧٧ وما بعدها)، ط مصر، و ((شرح الأصول الخمسة)) (ص: ١٩٥ - ١٩٧)، و ((المختصر في أصول الدين)) (١/ ١٨٢ - ١٨٣) ضمن رسائل العدل والتوحيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>