للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن قال إنه قد يشبه الشيء الشيء من وجه دون وجه فرق بينهما عند الإطلاق، وهذا قول جمهور الناس.

فإن العقل يعلم أن الأعراض -مثل الألوان-تشتبه في كونها ألواناً، مع أن السواد ليس مثل البياض.

وأيضاً فمعلوم في اللغة أنه يقال: (هذا يشبه هذا)، و (فيه شبه من هذا) إذا أشبهه من بعض الوجوه، وإن كان مخالفة له في الحقيقة» (١).

وهذا التفريق بين معنى التشبيه والتمثيل قد أقر به جمع من المتكلمين، فقد قرر ابن الهمام الحنفي من الماتريدية أن «المثلية تقتضي المساواة في كل الصفات، والتشبيه لا يقتضيه» (٢)، وبين أبو المعين النسفي أن الشخصين لو اشتركا في الفقه أو الطب أو غير ذلك من العلوم والصناعات، ولم يكن بينهما في ذلك النوع مساواة ينوب أحدهما مناب صاحبه ويسد مسده، فإنه لا يستجيز أحد من أرباب اللسان أن يقول: فلان مثل فلان في علم كذا، أو صنعة كذا (٣).

فتحصل بذلك أن لفظ التشابه والتماثل غير متطابقين في المعنى، بل لفظ التشابه أعم من لفظ التماثل، إذ التشابه يطلق على مطلق مشاركة الشيء للشيء ولو من بعض الوجوه، وأما التماثل فهو مشاركة الشيء للشيء من كل الوجوه، وإن كان قد يطلق لفظ التشبيه ويراد به التمثيل، وكذا العكس، وذلك يعلم بسياق الكلام وقرائنه.


(١) الجواب الصحيح (٣/ ٤٤٤ - ٤٤٥).
(٢) المسامرة شرح المسايرة (٣٠٨)، وانظر: تبصرة الأدلة لأبي المعين النسفي (١/ ١٥٠ - ١٥١).
(٣) انظر: تبصرة الأدلة (١/ ١٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>