للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرح

سبق الحديث عن مسألة القدر المشترك بشكل موسع ومفصل يتناول هذه المسألة من جميع جوانبها.

والمصنف يستدل هنا بهذه المسألة في معرض رده على شبهة المعطلة الذين يقولون "إن الشيء إذا شابه غيره من وجه جاز عليه ما يجوز عليه من ذلك الوجه، ووجب له ما وجب له، وامتنع عليه ما امتنع عليه".

فيقول المصنف لو سلم لكم جدلًا أن هذا هو تعريف التماثل، فإن جماهير العقلاء يعلمون أنه ما من شيئين إلا وبينهما قدر مشترك، ونفس ذلك القدر المشترك ليس هو نفس التمثيل والتشبيه الذي قام الدليل العقلي والسمعي على نفيه، وإنما التشبيه الذي قام الدليل على نفيه ما يستلزم ثبوت شيء من خصائص المخلوقين لله-سبحانه وتعالى-إذ هو-سبحانه-ليس كمثله شيء، لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله" (١).، وشبه الشيء بالشيء يكون لمشابهته له من بعض الوجوه، وذلك لا يقتضي التماثل الذي يوجب أن يشتركا فيما يجب ويجوز ويمتنع. وإذا قيل هذا حي عليم قدير، وهذا حي عليم قدير، فتشابها في مسمى الحي والعليم والقدير، لم يوجب ذلك أن يكون هذا المسمى مماثلاً لهذا المسمى من كل وجه، بل هنا ثلاثة أشياء:

أحدها: القدر المشترك الذي تشابها فيه، وهو معنى كلي لا يختص به أحدهما، ولا يوجد كليّاً عامّاً إلا في علم العالم (٢)

الثاني: ما يختص به هذا، كما يختص الرب بما يقوم به من الحياة والعلم والقدرة.


(١) درء التعارض، جـ ٥ ص ٢٢٧.
(٢) أي في الذهن وليس في الخارج

<<  <  ج: ص:  >  >>