للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآخر وهذا معنى قول المصنف: "فكل من أثبت شيئًا منهم ألزمه الآخر بما يوافقه فيه من الإثبات، كما أن كل من نفى شيئًا منهم ألزمه الآخر بما يوافقه فيه من النفي"

وأعطى المصنف مثالًا لذلك بكون متكلمة الصفاتية قد أثبتوا بعض الصفات فقال المصنف: "فمثبتة الصفات كالحياة والعلم والقدرة والكلام والسمع والبصر"

فيحتج عليهم المعتزلة بما ذكره المصنف بقوله: "إذا قالت لهم النفاة كالمعتزلة: هذا تجسيم، لأن هذه الصفات أعراض، والعرض لا يقوم إلا بالجسم، فإنا لا نعرف موصوفًا بالصفات إلا جسمًا"

فيجيب متكلمة الصفاتية على هذا الاعتراض بأن المعتزلة كذلك يثبتون الأسماء كالحي والعليم والقدير وتقولون إن إثباتها لا يستلزم الجسمية فكذلك نحن نقول بنفس قولكم أن إثبات تلك الصفات لا يستلزم أن يكون جسمًا وهذا ما أشار إليه المصنف بقوله: "قالت لهم المثبتة: وأنتم قد قلتم: إنه حي عليم قدير، وقلتم: ليس بجسم، وأنتم لا تعلمون موجودًا حيًا عالما قادرًا إلا جسمًا، فقد أثبتموه على خلاف ما علمتم، فكذلك نحن، وقالوا لهم: أنتم أثبتم حيًّا عالما قادرًا، بلا حياة ولا علم ولا قدرة، وهذا تناقض يُعلم بضرورة العقل".

فإن كل من أثبت صفة ونفي أخرى مخالفا غيره فيما أثبت ونفى الزم كل منهما صاحبه فيما نفاه بعين ما يلزمه الآخر فيما يثبته لأن كليهما اعتمد على مسلك نفي التجسيم وهذا يكشف بطلان هذا المسلك إذ أصحابه متناقضون. إذ كل يعترض على صاحبه بما هو معارض به من قبل غيره.

المتن

قال المصنف رحمه الله: "ثم هؤلاء المثبتة إذا قالوا لمن أثبت أنه يرضى ويغضب ويحب ويبغض، أو من وصفه بالاستواء والنزول والإتيان والمجيء، أو بالوجه واليد

<<  <  ج: ص:  >  >>