للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [النحل الآيات ٥٧ - ٦٠].

فإن الله تعالى احتج على المشركين وأهل الكتاب، فيما يثبتون له من الشريك والبنات، بأنهم يُنزهون أنفسهم عن ذلك؛ لأنهم يعتبرون ذلك نقصاً وعيباً في حقهم؛ فإذا كانوا لا يرضون بهذا الوصف والمثل السوء لأنفسهم؛ فكيف يصفون به ربهم، ويجعلون له مثل السوء، والرب الخالق أولى بأن ينزه عن الأمور الناقصة منهم؟!.

قال المصنف: "ما هو من هذا النوع، بل هذا هو من الكلام المبتَدَع، الذي أنكره السلف والأئمة".

أي مع كون هذه دعوى وصف الله بالنقائص قديمة، فإنه لم يرد في النصوص أو في كلام السلف استعمال هذه الألفاظ لا نفيًا ولا إثباتًا.

يجب أن يعلم أن القول بتنزيه الله عز وجل عن النقائص قد يحتمل وجهًا حقًا وقد يحتمل وجهًا باطلًا.

أما الوجه الحق: إذا قال القائل: الله يجب تنزيهه عن سمات الحدث، أو علامات الحدث، أو كل ما أوجب نقصًا وحدوثًا فالرب منزه عنه، فهذه كلمة حق معلومة متفق عليه.

أما الوجه الباطل:

قول الجهمية: إن قيام الصفات به، أو قول متكلمة الصفاتية أن قيام الصفات الاختيارية، هو من سمات الحدث.

وهذا باطل عند السلف والإئمة، بل وجمهور العقلاء، بل ما ذكروه يقتضي حدوث كل شيء، فإنه ما من موجود إلا وله صفات تقوم به، وتقوم به أحوال تحصل

<<  <  ج: ص:  >  >>