والسنة، قالوا: والنصوص المثبتة للسمع والبصر والكلام: أعظم من الآيات الدالة على كون الإجماع حجة، فالاعتماد في إثباتها ابتداء على الدليل السمعي الذي هو القرآن أولى وأحْرَى.
والذي اعتمدوا عليه في النفي، من نفي مسمى التحيز ونحوه مع أنه بدعة في الشرع لم يأت به كتاب ولا سنة، ولا أثر عن أحد من الصحابة والتابعين هو متناقض في العقل، لا يستقيم في العقل؛ فإنه ما من أحد ينفي شيئًا خوفًا من كون ذلك يستلزم أن يكون الموصوف به جسمًا، إلا قيل له فيما أثبته نظير ما قاله فيما نفاه، وقيل له فيما نفاه نظير ما يقوله فيما أثبته" (١).
وقول المصنف: "ما الفرق بين هذا وبين ما أثبته، إذا نفيت التشبيه، وجعلت مجرد نفي التشبيه كافيًا في الإثبات". فهنا استفسار يوجه لمن نفي النقائص عن الله بمجرد نفي التشبيه مع إثباته للصفات الخبرية وهي التي لا طريق إلى معرفتها إلا بالسمع وهي قسمان:
الأول: الصفات الذاتية. كالوجه واليدين.
والثاني: الصفات الفعلية. كالمجيء والنزول.
والاستفسار هو: أي إذا جعلتم مجرد نفي التشبيه كافيًا في إثبات الصفات، فما الفرق بين قول من وصف الله بصفات النقص مع ادعاء نفي التشبيه وقولكم، فإن من أثبت النقائص لله بإمكانه أن يقول أثبتها بلا تشبيه. "فلا بد من إثبات فرق في نفس الأمر".
وقوله: "فإن قال: العمدة في الفرق هو السمع، فما جاء السمع به أثبته، دون ما لم يجئ به السمع".