وكان يصلهم في الشعب، أدخل عليهم في ليلة ثلاثة أحمال طعاما، فعلمت قريش فكلموه فقال إني غير عائد إلى شيء خالفكم، ثم عاد الثانية فأدخل عليهم حملا أو حملين فغالظته قريش وهمت به فقال أبو سفيان بن حرب دعوه رجل وصل أهل رحمه، أما أنى أحلف بالله لو فعل مثل ما فعل لكان أحسن بنا، فمشى هشام إلى زهير بن أبي أمية رضي الله تعالى عته أسلم بعد، وأمه عاتكة بنت عبد المطلب فقال يا زهير أتأكل الطعام وتلبس الثياب وتنكح النساء وأخوالك حيث قد علمت؟ فقال ويحك يا هشام ما أصنع، فإنما أنا رجل واحد! ؟ والله لو كان معي رجل واحد لقمت في نقضها. فقال أنا معك. فقال ابغنا ثالثا. ومشيا إلى المطعم بن عدي فقالا له أرضيت أن يهلك بطنان من بنى عبد مناف وأنت شاهد؟ فقال إنما أنا واحد. فقالا إنا معك. فقال ابغانا رابعا، فذهب إلى أبي البختري بن هشام فقال ابغانا خامسا، فذهب إلي زمعة بن
الأسود فقعدوا ليلا بأعلى مكة وتعاقدوا على ذلك، فلما جلسوا في الحجر تكلموا في ذلك وانكروه، فقال أبو جهل هذا أمر قضي بليل، وفى آخر الأمر أخرجوا الصحيفة ومزقوها وأبطلوا حكمها وروي أنه عليه الصلاة والسلام أطلعه الله على أن الأرضة أكلت ما فيها من القطيعة والظلم فلم تدع إلا أسماء الله فقط، وروي أنها لم تدع اسما لله إلا أكلته وبقى ما عداه، قال البرهان وهو أثبت.
وعلى تقدير تساوي الروايتين يجمع بأنهم كتبوا نسختين فأبقت في إحداهما ذكر الله وفى الأخرى ما عداه لئلا يجتمع اسم الله مع ظلمهم، وروي أنه صلى الله عليه وسلم لما أخبر بذلك أبا طالب قال له أربك أخبرك بهذا قال نعم، فانطلق فى نفر من بنى هاشم والمطلب حتى أتوا المسجد فأنكر ذلك قريش وظنوا أنهم قد خرجوا من شدة البلاء ليسلموا رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم، فقال أبو طالب جرت بيننا أمور لم تذكر في صحيفتكم فاتوا بها لعل أن يكون بيننا وبينكم صلح وإنما قال ذلك خشية أن ينظروها قبل أن يأتوا بها، فاتوا بها معجبين لا يشكون أنه صلى الله عليه وسلم يدفع إليهم فوضعوها بينهم وقالوا