لأبي طالب قد أن لكم أن ترجعوا عما أحدثتم علينا وعلى أنفسكم، فقال إنما أتيتكم لأمر هو نصف بيننا وبينكم، إن ابن أخى أخبرنى ولم يكذبنى إن الله بعث على صحيفتكم دابة فلم تترك لله اسما إلا لحسته وتركت فيها غدركم وتظاهركم علينا بالظلم فإن كان كما قال فأفيقوا. فلا والله لا نسلموه حتى نموت عن آخرنا وإن كان باطلا دفعناه إليكم فقتلتم أو استحييتم. فقالوا رضينا. فوجدوها كما قال صلى الله عليه وسلم. فقالوا هذا سحر ابن أخيك وزادهم ذلك بغيا وعدوانا. والجمع بين هذا وبين ما متر من سعي رجال فى نقضها أنهم لما جلسوا فى الحجر وتكلموا وافق قدوم أبى طالب وقومه بهذا الخبر، فزادهم رغبة فيما هم فيه انظر الزرقاني.
وروي أن أبا طالب لما رأى من قومه ما يسره من حدبهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل يمدحهم ويذكر قديمهم ويذكر فضل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم ويذكر مكانه ليشتد رأيهم فقال:
(وإن حصلت أشرافُ عبدِ منافِها ... ففي هاشم أشرافُها وقديمُها)
(وإن فخرتْ يوما فإن محمدا ... هو المصطفى من سرِّها وكريمها)
(تداعت قريشٌ غُّثها وسمينها ... علينا فلم تظفر وطاشت حلومها)
(وكنَّا قديما لا نقرُّ ظُلامة ... إذ ما ثنوا صُعر الخدود نُقيمُها)
(ونحمي حماها كلَّ يوم كريهةٍ ... ونضربُ عن أحسابها من يرومها)
(بنا انتعش العود الذواء وإنما ... بأكنافنا تندى وتنمى أرومها)
وروي أن قريشا لما علموا أنه لا يسلمه إليهم مشوا إليه بعمارة بن الوليد ليتخذه ولد ويسلم إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقتلوه، فقال لهم والله لبئس ما تسومونني، أتعطوني ابنكم أغذوه لكم واعطيكم ابني تقتلونه! ؟ هذا والله ما لا يكون أبدا! وقال حين تروح الإبل فإن حنت ناقة إلى غير فصيلها دفعته إليكم وهذا تعليق، لهم على ما لا يقع لأنها لا تحن إلى غيره مع كونها عجماء، فأولى أنا مع أني لب ومعرفة، وقال: